“إبن الله صار ابن البتول”، وصارت هي “والدة الإله”. مريم هي أمّ المسيح الإله بكل ما في لفظة “أمّ” من معنى حقيقي وواقعي، على غرار أيّ أمّ أخرى من أمّهات البشر. لكنّ أمومتها هي من نوع خاصّ. إذ إنّ الأبوّة البشريّة لم يكن فيها أيّ دور. فقدرة العليّ هي التي ظلّلت مريم العذراء وبذرت الحياة في أحشائها. إنّ كون مريم لم تعرف رجلاً لا ينقض حقيقة أمومتها ولا يحطّ من شأنها. إنّ كون مريم العذراء ولدت كلمة الله وهي بتول لا يجعل منها أقلّ أمومة من سائر الأمّهات. بل على خلاف ذلك، يظهر فيها الأمومة. فبتوليّتها هي علامة ملء استسلامها لله، إله المحبّة والحياة. لقد استسلمت بكلّ كيانها لدعوة الله اليها لتصير أمَّا لابنه الوحيد، فصار كيانها كلّه شعلة حب وينبوع حياة بشريّة. وبقدرة الروح القدس الذي ظلّلها، استطاع كيانها البشري أن يكوّن كيانًا بشريًّا جديدًا. فهي إذًا فيض من الحياة وينبوع حياة. بحيث يصحّ القول إنّ مريم هي أمّ وأكثر أمومة من أيّ أمّ سواها، لأنّها وحدها، دون مباشرة رجل، أعطت ابنها وربّنا يسوع المسيح كلّ ما فيه من طبيعة بشريّة. إنّ ابنها قد استمدّ بشريّته كاملة من جسدها ودمها. بتعبير آخر، لم تكن مريم بحاجة إلى أن تضمّ بعضًا من مزاياها الأنثويّة الى مزايا رجل من البشر لتكوين إنسانيّة ابنها. لقد أظهر علم الوراثة أنّ كلّ خليّة من خلايا جسم الطفل مركبّة بصورة متجانسة ومتساوية ممّا ينتقل اليها بالوراثة من كلا الوالدين. أمّا طبيعة المسيح الإنسانيّة فقد استمدّها كلّها من طبيعة أمّه
الإنجيل
إنجيل القدّيس متّى 12-1:2
ولَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، في أَيَّامِ المَلِكِ هِيرُودُس، جَاءَ مَجُوسٌ مِنَ المَشْرِقِ إِلى أُورَشَلِيم،
وهُم يَقُولُون: «أَيْنَ هُوَ المَوْلُودُ مَلِكُ اليَهُود؟ فَقَدْ رَأَيْنَا نَجْمَهُ في المَشْرِق، فَجِئْنَا نَسْجُدُ لَهُ ».
ولَمَّا سَمِعَ المَلِكُ هِيرُودُسُ ٱضْطَرَبَ، وٱضْطَرَبَتْ مَعَهُ كُلُّ أُورَشَلِيم.
فَجَمَعَ كُلَّ الأَحْبَارِ وكَتَبَةِ الشَّعْب، وسَأَلَهُم: « أَيْنَ يُولَدُ المَسيح؟».
فَقَالُوا لَهُ: «في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، لأَنَّهُ هكَذَا كُتِبَ بِٱلنَّبِيّ:
وأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمُ، أَرْضَ يَهُوذَا، لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ رَئِيسٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيل».
حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ المَجُوسَ سِرًّا، وتَحَقَّقَ مِنْهُم زَمَنَ ظُهُورِ النَّجْم.
ثُمَّ أَرْسَلَهُم إِلى بَيْتَ لَحْمَ وقَال: «إِذْهَبُوا وٱبْحَثُوا جَيِّدًا عَنِ الصَّبِيّ. فَإِذَا وَجَدْتُمُوه، أَخْبِرُونِي لأَذْهَبَ أَنَا أَيْضًا وأَسْجُدَ لَهُ».
ولَمَّا سَمِعُوا كَلامَ المَلِكِ ٱنْصَرَفُوا، وإِذَا النَّجْمُ الَّذي رَأَوْهُ في المَشْرِقِ عَادَ يَتَقَدَّمُهُم، حَتَّى بَلَغَ المَوْضِعَ الَّذي كَانَ فيهِ الصَّبِيّ، وتَوقَّفَ فَوْقَهُ.
فَلَمَّا رَأَوا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا.
ودَخَلُوا البَيْتَ فَرأَوا ٱلصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ، فَجَثَوا لَهُ سَاجِدِين. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُم وقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا، ذَهَبًا وبَخُورًا ومُرًّا.
وأُوْحِيَ إِلَيْهِم في الحُلْمِ أَلاَّ يَرْجِعُوا إِلى هِيرُودُس، فَعَادُوا إِلى بِلادِهِم عَنْ طَرِيقٍ آخَر