نعيش في عالم مليء بالخطيئة، مُحرِّكها في العالم هو الشيطان والضعف البشري، أما الشيطان فيُحضِرُ أمامنا الخطيئة بأشكال مختلفة، وبحسب ضعفنا وتملّك الأهواء فينا نسقط أم لا، ويبقى التساؤل: ما هو سبب الوقوع في الخطيئة هل هو فساد أعيننا أما فساد نفسنا؟ تشكل العين وسيلة تساعد في الردع أو الوقوع في الخطيئة، ويشجعنا الآباء على أن ننتبه إلى ما نراه لأن العين تعتاد على الشيء الذي تراه باستمرار وبالتالي تحكم عليه إذا كان جميلاً أم لا وفق درجة اعتياد العين على رؤيته، فمثلاً إن كنا نرى بكثرة الطبيعة من أشجار وأنهار وجبال فلن نرى البيوت والمدن المزدحمة جميلةً والعكس صحيح فعندما ترى العين الأشياء السّيئة والمليئة بالوقاحة والفساد تعتاد عليها ولا تعد تراها سيئةً أو حتى شريرةً تودي للهلاك، ولكن تسعى لأن تراه باستمرار، لأن ما تراه العين يفسد النفس وعندما تفسد النفس لا تعد تعتبر ما تراه العين سيئاً بل بالعكس مفرحاً لها ولو كان شريراً. تبحث النفس عن ما يشبعها فتدفع العين للبحث عن كل شيء يغذّي مطالبها، وإذا كانت النفس فاسدة ستبحث عن ما يشبع فسادها وإذا كانت خيّرة ستبحث عن ما يشبع الخير الذي فيها. في قصة التكوين نعرف قصة سقوط آدم وحواء بعد تجربة الشيطان والأكل من شجرة معرفة الخير والشر “فرأَت المرأَة أن الشجرة جيّدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهيّة للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل”، نلاحظ أن الشجرة “بهجة للعيون” و “شهيّة للنظر” ولكن الدافع الحقيقي وراء الأكل منها ليس فقط منظرها الجميل المفرح بل هو تحريض الشيطان ورغبة الإنسان في امتلاك معرفة خير من الشر. تحدث التوبة عندما يعي الإنسان حالته ويستعمل عقله وفكره ليبحث عن حل لمشاكله ويبتعد عن ما تطلبه النفس والعواطف ويفتح مجالاً للعقل أكثر لأن بالعقل يستطيع أن يعي بأنه لن يتجاوز كلّ هذا بدون نعمة الله وبدون إبعاد العين عن ما يفسد النفس، وأنه بواسطة العقل يستطيع وضع ضوابط للعين والنفس لحمايتهما من الفساد، إذ يأمر العقلُ ويحدد للعين ما هو السيئ الذي يجب أن تبتعد عنه وما هو الجميل الخيّر الذي يجب أن تبحث عنه وتقترب منه. تبقى المشكلة إذا فسد العقل!!! وحتى لا نصل لهذه الحالة علينا أن نملك خوف الله وأن نطالع باستمرار الكتاب المقدس والكتب الروحية “سراجٌ لرجلي كلامك ونورٌ لسبيلي”، وأن نكون بقرب أب روحي مستنير يساعدنا على التفكير الصحيح بالهام الروح القدس، يقول الكتاب المقدس: “سِراجُ الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كلُّهُ يكون نيّراً، وإن كانت عينك شريرة فجسدك كلهُ يكون مظلماً”، وأن لا ننسى أن الشافي الوحيد للنفس هو المسيح لأنه نور النفس والعين والعالم: النفس “أنا هو نور العالم، مَنْ يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون لهُ نور