كانت أسرة صغيرة تعيش فى هناء : الأب، والأم، والطفلان.. صبى.. وصبية.. ولكن أنقلب الهناء شقاء عندما مات الأب والأم في حادث مؤلم، وبقى الطفلان يتيمين في البيت،
وسكت مالك العمارة، ولم يطالبهما فى بادىء الأمر بإيجار المسكن. وأهتم بهما الجيران وصاروا يرسلون إليهما كل يوم بعض الطعام. ولكن هؤلاء المحسنين – للأسف – لم يتحملوا الاستمرار فى ذلك
وجلس الولد وأخته يتباحثان في أمورهما، كما يفعل الكبار: ما رأيك يا أختي؟ وما رأيك يا أخى؟ وبعد تفكير طويل، أسقر رأيهما على أمر اعتقدا فيه الخلاص، فخرج الصبي وعاد ومعه ورقة وقلم وظرف..
ثم كتب الصبي على الورقة” أبانا الذى فى السموات
أخذت منا أمنا وأبانا، وتركتنا وحيدين فى هذا البيت الكبير علينا، الذي جاء صاحبه أمس وطلب منا إخلاءه. وإذا رفضنا فإنه سيطردنا. وسننام فى الشارع ويقتلنا البرد. ألا يكفى أننا لا نجد طعام نأكله، حتى نحرم من الركن الذي ننام فيه؟ نرجو منك يا ربنا الذي في السماء. أن تأمر صاحب البيت بأن يتركنا فيه، ولك الشكر. ونحن – على كل حال – من أبناؤك المخلصين….
وكتب الأخ والأخت اسميهما وعنوانهما فى ذيل الخطاب ووضعا الورقة فى ظرف،
وكتبا على الظرف: “إلىأبانا الذى فى السماء – بالبريد المستعجل – مع رجاء الرد”.
وألقيا الظرف فى صندوق البريد، وباتا ينتظران الرد. ووصل الخطاب إلى إدارة البريد، فجعل الموظفون يتناقلونه من يد إلى يد، الواحد بعد الآخر، ويتهامسون فيما بينهم وقدتعجبوا جدا
وانتهى الخطاب إ إلى المدير العام. وأحل المدير لنفسه فتح الخطاب وقراءة ما فيه، ثم وضعه في جيبه وأنصرف إلى بيته. وجلس الرجل إلى المائدة مع زوجته، وهى امرأة شديدة الاهتمام بشئون منزلها، تحب زوجها ولكن الله لم يرزقها ولداً. وكان هذا يحز في نفسها وفى نفسه. وفى أثناء تناول الطعام قال الزوج: “لقد وصلت رساله من العنايه الالهيه
ولم تفهم الزوجة، فقالت: وضح .. لا أفهم ماذا تعنى… فنتناول الرجل الخطاب من جيبه، ودفعه إلى زوجته.. وقرأته الزوجة…… وقالت وهى تضم الخطاب إلى صدرها: يجب أن ترد على الطفلين بأن الخطاب وصل، وأن ربنا الذي فى السماء حوله إلينا لكي ننفذ ما فيه، وننقذ الطفلين من شقائهما. سوف نتخذهما أبناً وإبنة لنا..
وفى اليوم التالى
كان الأخ وأخته قد أخذا مكانهما بين الزوج والزوجة، وكان الخطاب منقذاً للأسرتين
لقد أصبح للرجل وزوجته ولدان، وأصبح للطفلين والدان