كان “اسطفانوس” يستمع بشغف شديد لشرح المرشدة السياحية في النمسا ، التي ما أن وجدت فوجًا عربيًّا حتى تفجّر فيها كل الشوق إلى وطنها و أخذت تشرح بحرارة عجيبة كل صغيرة و كبيرة في كنيسة ” سان استيفانو” في فيينا فهذا تمثال كبير نحته أحد الفنانين العظماء من صخرة واحدة …. و كل جزء صغير فيه يعبِّرعن معنى معين ….و قد أراد الفنّان أن يوقِّع اسمه على التمثال ، فنحت صورته و هو يطلّ من نافذة صغيرة ليرى منها المعجبين بفنّه على مدى العصور ….فهذه هي طريقة توقيعه…
و لكن لفت نظر ” اسطفانوس” تمثال غريب للسيدة العذراء يختلف عن كلّ ما في الكاتدرائية العظيمة. فالسّيدة العذراء لا تقف منتصبة كأنها تمثال بل تنحني قليلًا و تنظر لابنها الحبيب بابتسامة عذبة و كأنها شخص حيّ فسأل المرشدة عن سر اختلاف هذا التمثال….
فقالت له : ” هذا صحيح ، فهو يختلف تمامًا عن باقي التماثيل كلّه من النحاس الخالص و قد وضع في الكنيسة في زمن مختلف و له قصة خاصة … “فقد كان هذا التمثال الجميل في حديقة قصر إحدى الأميرات بالنّمسا. و كان لهذه الأميرة خدم كثير و لكن كان لديها وصيفة واحدة لخدمتها الخاصة منذ عدة سنوات.
و في أحد الأيام ، إذ بها لا تجد خاتمها الماسي الثّمين فنادت على وصيفتها ” فيولا” في لهجة غاضبة وقالت لها : ” أين خاتمي الثّمين الذي أهداه لي الإمبراطور شخصيًا ؟ يجب أن يظهر هذا الخاتم حالًا.” لم تتعوّد ” فيولا” أن تسمع هذه النّغمة من الأميرة الصغيرة فهي تعتبرها ابنتها… فهل وصل الأمر أن تشكّ فيها.
لم تجب ” فيولا” بل أسرعت نحو الحديقة حيث تمثال السّيدة العذراء و قالت لها: أنجِديني يا أمّي الملكة. فما كان من الأميرة إلا أن قالت لها عندما رأتها أمام التمثال ” أن العذراء ليست للخدامين…..” شعرت “فيولا” و كأن خنجرًا يخترق قلبها… و عبثًا حاولت أن يغمض لها جفنٌ هذه الليلة فدموعها تنساب بغزارة هل حقًّا أيّتها السيدة العذراء أنت لست للخدم ؟ ألا يحقّ لي أن أدعوك أمّي؟ هل حتّى عند الله يوجد سادة و خدّام؟
و أرادت الأميرة أن تحضر إحدى الحفلات فأخرجت (الجوانتي) الدانتيل لتلبسه حتى تستكمل أناقتها وإذ بالخاتم داخل إصبع الجوانتي حيث اشتبك الدانتيل بأحد الفصوص… خجلت الأميرة جدًّا من نفسها و ذهبت إلى وصيفتها مُسْرِعَة تعتذر لها لأوّل مرة في حياتها و حتى تعبِّر عن أسفها الشديد و ندمها، قررت أن تهدي هذا التمثال للكنيسة و يُسَمَّى تمثال عذراء الخدم حتى يعرف كل البشر أن العذراء هي أمّ لكلّ إنسان…و فعلًا تمّ نقل التّمثال للكاتدرائية واشتهر بهذا الاسم في كل الدولة، فالعذراء مستعدّة أن تكون أمًّا لك إن دعوتَها، فَهِيَ قريبةٌ جدًّا من أولادها و ابنها الحبيب لا يرفض لها طلباً
صلاة
إذ ليس لنا دالة ولا حجة و لا معذرة من أجل كثرة خطايانا، فنحن بك نتوسل إلى الذي وُلِدَ منك يا والدة الإله العذراء، لأنّ كثيرةٌ هي شفاعتك ومقبولةٌ عند مخلّصنا أيتها الأم الطاهرة، لا ترفضي الخطأة من شفاعتك عند الذي وُلِدَ مِنْكِ