اضطرّ تيم، وهو عامل بسيط بأحد المناجم، أن يبحث عن مكان يستدفئ فيه بعض الوقت. هداه بصره إلى قاعة مضيئة، كان في داخلها أحد الكارزين بإنجيل المسيح يتكلم عن قداسة الله في مواجهة الخطيئة. جلس تيم، وهو لا يعنيه إلا الدفء الذي قصده؛ على أن سَمَعَهُ تطرَّق إلى ما يقوله المبشر، لكنه لم يفهم شيئًا؛ فلم يكن معتادًا على أن يسمع أي شيء عن الله. قليلاً فقليلاً، اندمج تيم مع المتحدث، وابتدأ يستشعر أهمية الأمر، إذ كان الرجل يتحدث عن أهمية الخلاص وخطورة إهماله. والتقط ذهنه كلمات مبعثرة مثل: الخلاص، الخطيئة، الموت، جهنّم، الأبديّة. كلّها أشعرته بخطورة الموقف وإن لم يستطع استيعابه بالكامل.
انتهى الاجتماع، فذهب تيم إلى المبشِّر قائلاً: “أنا غير مستعدّ لمواجهة الله، أرجوك ساعدني لا أريد جهنّم”. اجتهد المبشر في تبسيط بشارة الخلاص لملاحظتِهِ بساطة تيم. وبعد نصف ساعة من الحديث سأله إن كان قد فهم؛ فأجاب بالنّفي. كرّر المبشر المحاولة، دون جدوى. عندئذ قال: “أعتقد أن الوقت تأخّر فقد جاوزنا منتصف الليل، ولا بد أنك ستذهب باكرًا لعملك؛ اذهب إلى بيتك الآن وعُد إلى هنا مساءَ غدٍ لنستكمل الحديث”.
رفض تيم بشدة قائلاً: “غدًا قد يكون متأخرًا، لا يمكنني الخروج من هنا إن لم أسوِّ الأمر مع الله وأجد السّلام”. أمام إلحاحِهِ، استمرّ المبشّر في محاولاته؛ إلى أن وصل تيم إلى فهم الرسالة البسيطة: أنّه خاطئ، يستحق الموت الأبدي، إلّا أنّ المسيح مات بالنّيابة عنه، ليمنحه الحياة الأبدية، إن هو أتى إليه بالتوبة والإيمان. انفجر تيم يصلّي بدموع معترفًا بخطاياه للرب يسوع طالبًا منه الغفران. بعد الصلاة انفرجت أساريره وشعر أن جبلاً قد انزاح عن كاهله. وافترق الرجلان على موعد للقاء.
في الغد ذهب تيم إلى عمله كعادته. وفي أثناء النهار، وإذ كان يعمل في جزء متطرّف من المنجم؛ فوجئ الجميع بصوت انهيار شديد. اكتشفوا أنّ الجزء الذي كان يعمل فيه تيم قد انهار. سارع الجميع لإنقاذه، وتمكنوا بالفعل من رفع الكتل الحجرية المتساقطة. أخرجوه وهو يتمتم بصوت ضعيف: “شكرًا لله أن الأمر قد تمّ تسويته بالأمس، اللّيلة كانت ستكون متأخرة جدًا. أشكره لأن فرصتي لم تَضِع”. وما هي إلا دقائق حتى فارق هذه الحياة، لكي يكون مع المسيح حيث الأفضل جدًا.
يقول الكتاب «هوذا الآن وقت مقبول (أي وقت القبول). هوذا الآن يوم خلاص» (2كورنثوس6: 2)، ويقول أيضًا «اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم» (عبرانيين4: 7). وأثق أنك سمعت صوته في هذه الرسالة الصغيرة، فهيا، لا تقسِّ قلبك