كان أحد رجال الأعمال يقود سيارته الفورد في طريق زراعي وتعطلت منه السيارة، فنزل الرجل وفتح غطاء الموتور وحاول أن يكتشف سبب العطل وعلاجه
و بينما هو على هذه الحالة مرّ عليه شخص يقود سيارته في الطريق المقابل و توقف ليسأله : هل تريد مساعدة ؟ فشكره الرجل وقال : ” لا ” إذ كان يظن أنه يستطيع إصلاح العطب بسهولة
وبعد ساعتين، تصادف أن عاد ذلك الشخص من نفس الطريق، فوجد الحال على حاله والرجل يحملق في الموتور يائساً متحيراً
فسأله مرة أخرى : هل أنت متأكد أنك غير محتاج لمساعدة ؟
فأجابه في هذه المرة : الحقيقة أنا في أشد الحاجة للمساعدة
و هنا نزل الشخص الآخر و في لمح البصر عرف سبب العطل و أصلحه و أدار له السيارة
فلمّا تعجّب صاحب السيارة من هذه المهارة المبهرة و الكفاءة النادرة الأشبه بالمعجزة
فٍسأله قائلاً : كيف أصلحتها ؟ هل لك خبرة في إصلاح السيارات ؟ كيف فعلتها ؟ كيف …….؟
ردّ عليه الطرف الآخر قائلاً : لقد عرضت عليك المساعدة و لم تقبل و لو قبلت لما تعطلت كل هذه المدة بدون داع . أما عن خبرتي في هذه السيارة، فلا محل للدهشة، فأنا ” فورد ” شخصياً مخترع هذه السيارة و مصمّمها و لذلك فأنا أعرف كل شئ عنها بكل التفاصيل و كل مسمار و سلك و قطعة فيها وكيف تعمل
ألا تدري يا عزيزي أن النفس التي خلقت على صورة الله لا يمكن أن تشبع إلا به ؟؟ لقد حاول ” أغسطينوس ” أن يشبع روحه و عقله و جسده في العالم فوصل لأعلى درجات الشهرة و المجد حتى ضاقت القاعات بالمستمعين، و جمع المال و الغنى و سار وراء شهواته حتى اعترف يوماً إنه لم تكن هناك خطية لم يرتكبها . و كلما شعر بالعطش، تمادى في الشر مثلما عبر ” البابا شنودة ” في قصيدته : كلما يشرب كأساً، يملأ الشيطان كأساً
و أخيراً أدرك الحقيقة: لا أحد يشبعه إلا الذي صنعه، و رجع تائباً باكياً و تحوّل إلى واحد من عظماء الكنيسة، و شبعت نفسه من الله و ارتوى عطشه من الكتاب المقدس و قال عبارته الشهيرة : خلقتنا لذاتك يا الله و لن تجد النفس راحتها إلا فيك
و قديماً أدرك ” داود ” النبي هذه الحقيقة وقال في مزموره : يا رب قد اختبرتني وعرفتني، أنت عرفت جلوسي وقيامي، فهمت فكري من بعيد ………… أين أذهب من روحك و من وجهك أين أهرب، إن أخذت جناحي الصبح و سكنت في أقاصي البحر، فهناك أيضاً تهديني يدك و تمسكني يمينك