الموارنة هم أتباع الكنيسة الانطاكية السريانية المارونية التي هي كنيسة مسيحية مشرقية اجتمع أتباعها حول القديس مارون الذي سميت بإسمه. وقد أقر المجمع البطريكي الماروني 2006 الملف الأول الفصل الأول ص. 40 الهوية: ”كنيسة أنطاكية سريانية ذات تراث ليتورجي خاص“. ينتسب الموارنة إلى الكنيسة السريانية وهم يتبعون أنفسهم لسلطة البابا في روما. ينسب الموارنة إلى القديس مارونالسوري والذي قضى حياته متنسكا في القرن الخامس الميلادي ليكون من أهم القديسين السوريين وتتخذ الكنيسة المارونية اليوم من دير بكركي في لبنان مقرًا لها. يبلغ عدد الموارنة في العالم حوالي ستة ملايين نسمة، حوالي 900.000 منهم يقطنون في لبنان، ليشكلوا 26% من الشعب اللبناني. و في دول منهم سوريا و العراق و الأردن و مصر و الإمارات و قطر و اسرائيل كما يوجد الكثير من الموارنة من أصول لبنانية هاجروا بعد تأسيس دولة لبنان الكبير إلى عدد من اصقاع العالم و لا سيما إلى فرنسا و كندا
عند بدء الكلام عن الكنيسة المارونية لا بد من الاشارة إلى القديس السوري مارون الكبير، الذي هو فخر الموارنة، و ابيهم و مرشدهم الروحي، ولد وعاش هذا القديس في القرن الخامس الميلادي في سوريا في منطقة أفاميا (تل مرديخ اليوم) ووصل لناالقليل من المعلومات عن الاعمال التي قام بها في حياته، اما الكنيسة المارونية، و التي هي كما يعرفها المجمع البطريركي الماروني و لا سيما في الفقرة الخامسة من التقرير الذي اصدره عن ” هوية الكنيسة المارونية ” انها: كنيسة أنطاكية سريانية، ذات طابع ليتورجي خاص، و انها كنيسة خلقيدونية، و ذات طابع نسكي و رهباني، و على شراكة تامة مع الكرسي الرسولي، و بالاضافة إلى تاقلمها مع البيئة اللبنانية التي انتشرت منها إلى العالم، و مع التاكيد على الارتباط بالتاريخ الوثيق بنهر العاصي الذي عليه كان دير مار مارون، و الذي منه نشات نواة الكنيسة المارونية. اما الشعب الماروني فهو تاريخ و حضارة و كنيسة في الوقت ذاته ان تاريخ الكنيسة المارونية عميق، و قديم .
لم يكن تاريخ الموارنة، و لا سيما الشعب الماروني، حافلا ً في الورود، فقد كان شائكـًا، الا ان الايمان المسيحي قد منع هذه الاشواك من الدخول إلى الجسد الماروني، لقد ظل الموارنة دائمـًا متلاحمين، و قد كان الاضطهاد دومـًا رفيقـًا للكنيسة المارونية في كافة تفاصيلها، ففي البداية عانى الموارنة، الخليقدونيين، و المتمسكين بايمانهم الكاثوليكي و صلتهم بالكرسي الرسولي، من قبل “غير الخليقدونيين”، لقد تحولت الالفاظ فيما بعد، لتصبح كلمة خليقدونيين تدل على الكنيسة الكاثوليكية و الغير الخليقدونيين تدل على الكنيسة الارثذكسية، و ان كان خلال القرون اللاحقة اصبحت كنيسة القسطنطينية الارذثذكسية كنيسة خليدوقنية. بعد انتهاء الوجود الصليبي في المشرق، و الذي كان محطة هامة في تاريخ الموارنة، و بعد ان ال الحكم إلى الدولة العثمانية في المشرق، دخل الموارنة في مرحلة جديدة من الاضطهادات العثمانية هذه المرة، و التي دفعت فرنسا إلى اعلان حمايتها ” الامة المارونية ” في القرن السابع عشر و من الاضطهادات التي تعرض لها الموارنة في الدولة العثمانية، كان الاضطهاد ايام ” فخر الدين المعني الثاني ” و الاضطهاد الشهير العام 1860 من قبل الدروز و الذي امتد إلى سوريا و سائر انحاء بلاد الشام و قد كانت للحروب التي اندلعت على ارض لبنان
اصل الموارنة
يعد الموارنة مسيحيين لبنانيين تابعين للقديس مار مارون (الذي ولد في سوريا) وهم أهل كنيسة و طائفة مسيحية متحدة و مرتبطة بالكنيسة الكاثوليكية في روما، و اتباع لها في الإعتراف الإيماني الخلقيدوني تشير الكنيسة، و لا سيما من خلال مقررات المجمع الفاتيكاني الثاني الذي اختتم اعماله يوم 8 كانون أول 1965 إلى دور القديسين في حياة المسيحين فيقول: ” فكما أن الشركة بين المسيحين الذين على الارض تقربنا من المسيح، هكذا توحدنا شركة القديسين بالمسيح الذي تفيض منه القداسة الذي هو ينبوعها “.(( اصدار عدد 50)). ان الطائفة المارونية تعتبر إحدى الطوائف المسيحية المنتشرة في العالم العربي كاالأقباط مثلا، كما أن الطائفة المارونية و الكنيسة المارونية هي فرع من دوحة الكنيسة السريانية الانطاكية. إن اللغة السريانية هي اللغة التي تكلم بها السريان كافة و بعدهم الموارنة، و بعد الإندماج التام في العروبة مع العرب على مر العصور تزاوج الشعب فأصبحوا شعب واحد يتكلم العربية كلغة أم، و بالرغم من الحفاظ على الثقافة المارونية في جبال لبنان، فقد ظهر نوع جديد من الكتابة و هي الكتابة ” الكرشونية ” ، أي اللغة السريانية مكتوبة بلغة عربية، و قد تم إعتماد هذه اللغة أول مرة بشكل رسمي، في العام 1890 حيث قام رشيد الشرتوني بنشر كتاب بهذه اللغة، فالمارونية مذهب مسيحي مشرقي سرياني أكبر إنتشار له في لبنان. وبحسب المجمع البطريركي الماروني المنعقد عام 2006 الذي دام 3 سنوات من العمل, يقول في اللغة الطقسية ص. 125 ”فالسريانية هي لغة الليتورجيا وعنصر أساسي يقتضي الحفاظ عليه قدر المستطاع. أمّا العربية فهي لا تتعدى كونها لغة محلية لا مفر من استبدالها، خارج حدود النطاق البطريركي، باللغة المحلية التي يمارسها المصلون.”
إن الإيمان الماروني هو ايمان ” أرثوذوكسي “، أي هو الايمان الذي حدده مجمع خلقيدونية عام 451، و الذي اصبح ايمان كنيسة روما القائم على اساس الطبيعتين المتحدتين في المسيح الالهية و البشرية، ان الكنيسة المارونية لم تزل متشبثة بهذا الايمان منذ اعلانه و لم تحد عنه ابدًا و قد كان المطران الماروني ” جبرائيل القلاعي “، أول من دافع عن الايمان الارثذكسي للكنيسة المارونية، علمـًا بان القلاعي متوفي العام 1516 و كان يشغل منصب رئيس اساقفة قبرص المارونية و هنا لا بد من الاشارة ان لا يوجد صلة بين كلمة ” ارثذكسي ” الموجودة اعلاه و التي تشير إلى كافة الشعوب التي تؤمن بما اقره مجمع خليدوقنية، و الطائفة الأرثوذوكسية انما معنى كلمة ” ارثذكسي” باللغة اليونانية هي ” المستقيم ” أي ” الايمان المتسقيم” فعندما يصف أحد المؤرخين الايمان الماروني بانه ارثذكسي فانه يقصد به انه ايمان مستقيم.
ان من أهم ما يميز الهوية المارونية ايضـًا انها مرتبطة بالتراث المحكي للشعب الماروني، و قد ادى هذا التمازج إلى وجود قصيدة زجلية بعنوان ” مديحة كسروان” تروي التاريخ الماروني من القرن الخامس و حتى القرن الخامس عشر، و هي باللغة اللبنانية المحكية، و قد عدت هذه القصيدة سجلا ً تاريخيـًا للكنيسة المارونية محفور بذاكرة الشعب . اما مصطلح ” موارنة ” كما هو معروف و واضح، فهي نسبة إلى اسم ” مارون ” الناسك و القديس الذي عاش في القرن الخامس في جبل قوروش على نهر العاصي ضمن سوريا الثانية.
لم ينفصل الموارنة يومـًا عن كنيسة روما، لان الموارنة منذ نشاتهم على الايمان الخلقيدوني هم في اتحاد طبيعي مع كنيسة روما. لقد اخرج الموارنة العديد و الكثير من القديسين من امثال المعلم مارون، و قد يكون من أشهر هؤلاء القديسين ” سمعان العمودي ” و الذي انتشر على نطاق كافة الطوائف سواء اكانت خلقدونية ام لا ؟ و كاثوليكية ام لا؟ لذلك يطلق الاب بطرس ضو على القديس سمعان العمودي اسم ” الماروني الباسل ” و ” منبع البطولة في الامة المارونية ” . يقول المطران يوسف الدبس المتوفي العام 1907، انه لما زاد عدد الهراطقة في سوريا الذين اضطهدوا الكاثوليك أي الخليقدونيين، دافع تلامذة القديس مارون الناسك عن الايمان الخليقدوني الكاثوليكي، و كانت النتيجة من قبل الذين كان غير خليقدونيين ان اطلقوا عليهم اسم ” موارنة ” تحقيرًا لهم!.