تأمّلنا اليوم يتمحور حول حدث العنصرة، اي اننا نركّز تأمّلنا حول الفصل الثاني من كتاب اعمال الرسل حيث نزل الروح القدس على التلاميذ المجتمعين في العلية فانطلقوا يعلنون البشارة المسيحية لا يردعهم رادع. ونقطة واحدة سوف نركّز عليها لأن الآحاد بعد العنصرة سوف تتيح لنا التأمل بدور الروح في كنيسته وفي المؤمن. اليوم، تأملنا هو حول الطابع النبوي للحياة المسيحية
الطابع النبوي للحياة المسيحية
يصف لنا القديس لوقا، في كتاب اعمال الرسل، حدث حلول الروح القدس على التلاميذ في العلية مثل ما جرى مع موسى على جبل سيناء، وهو الحدث الذي يعتبره التقليد اليهودي الدعوة النبوية لموسى. فضلا عن ذلك، اخبرنا القديس لوقا أن مار بطرس راح يشرح ما حدث، فاستشهد بالنبي يوئيل واعتبر ان هذه هي آخر الأيام، اي الايام الاسكاتولوجية، حيث يفيض الرب بروحه وحيث يتنبأ المؤمنون. ويشدد القديس بطرس على طابع النبوءة فيعيد القول مرة ثانية، بعد الاستشهاد بالنبي يوئيل، ان المؤمنين سوف يتنبأون. هذه هي انطلاقة الكنيسة، وهذا ما يعود القديس لوقا فيببيّنه مرات عديدة في كتاب اعمال الرسل، كتاب الكنيسة الاولى وفق ما اخبرنا اياه القديس لوقا، فيعطي كل عماد مسيحي طابع النبوءة ويجعل من كل الوجود المسيحي وجودا نبويا. بكلمة يصف القديس لوقا بوضوح الطابع النبوي للحياة المسيحية. يدفعنا تشديد القديس لوقا على الطابع النبوي للوجود المسيحي عامة، الى التفكير بماهية النبوءة في حياتنا
المسيحي نبي لأن الروح القدس حلّ فيه واضحى بكليّته مسكنا له. وهذا امر ايماني حقيقي يتحقق في حياة كل مسيحي. فلا يجب ان نجعله فقط نظريا تأمليا، بل علينا ان نشعر به ونعيشه ونتحمّل مسؤوليته. فالدعوة النبوية عطية من الله وككلّ عطية يُنتظر من الذي يتلقاها ان يتقبلها بفرح ويفعّلها في حياته. اذن، ما هي النبوءة التي تحدد حياتنا المسيحية؟ ليست النبوءة فقط معرفة المستقبل والتنبؤ بامور سوف تحدث. بل إن النبوءة بالمعنى المسيحي هي الغوص في سرّ الله والاستنارة منه اولا وهي نقل اسرار حياة الله الى حياتنا اليومية والى الآخرين ثانيا. فلنتذكر موسى على الجبل. غاص في سرّ الله، تلقى وصاياه ونقلها الى الآخرين. الرسل في كتاب اعمال الرسل، تلقوا الموهبة من الروح القدس، حملوا سرّ الله، سرّ المسيح، وسرّ الحياة، ونقلوه الى الآخرين. فلنتخيّلهم متنقلين بفرح حيثما حلوا، رغم كل الصعوبات التي اعترضتهم، فرحين لأنّهم حاملون سرّ الحياة، وهذا ما دفعهم الى الكلام عنها
على غرارهم، ولأننا ايضا انبياء، نحن مسؤولون عن عيش بعدي النبوءة التي اشرت اليهما اعلاه. تلقينا الروح القدس ونعيش بنفحه. فلنجعل اذن من حياتنا حياة الروح فينا. لنعد الى الله، نستنير به، نستق منه سرّ الحياة ونعيش وفق ما يعطينا، بالرغم من كل ما قد يعترضنا في الحياة من مشاكل وصعوبات وتجارب. الحياة معه هي الوحيدة التي تعطي حياة وسلاما وفرحا. وعندما تصبح كل حياتنا مستنيرة بالروح القدس وبالعيش مع الله، ننقل هذه الحقيقة الى الآخرين ونسهم في نشر حضارة الحياة في هذا العالم
خاتـمة
جميلة الحياة بالروح لأن الحياة التي فيها حياة جميلة. فلنساهم بتحقيقها فينا وفي الآخرين