في هذا الإنجيل نرى الذكر الوحيد للثالوث الأقدس، حيث يسوع المسيح يعلن عن هذا السرّ، الذي لا يمكن أن ندركه بعقلنا، أي أن الله الآب والإبن والروح القدس، هم إله واحد، وليس بثلاثة. فهو قد قال : “عَمِّدُوهُم بِاسْمِ” وليس بأسماء، أي بإسم إله واحد : ألآب والإبن والروح القدس .فعندما كان القدّيس أغوسطينوس يحاول فهم هذا السرّ، رأى على شاطئ البحر طفلاً يأخذ من مياه البحر ويضعها في بركة، فسأله عن عمله، أجابه الطفل أنّه يحاول وضع البحر في هذه البركة، عندها عرف أنها علامة من الله على كبر هذا السرّ ومدى صعوبة إستعابه. ويمكننا قراءة بعض المراجع الكتابية حيث يتكلّم المسيح عن وحدانية الثالوث : لوقا 11/13،يوحنا 10/38، يوحنا 13/3، يوحنا 14/6-11، يوحنا 15/26، يوحنا 17/21. ويمكننا أن نعطى تشابيه لهذا السرّ، مثلاً : الشمس هي واحدة، ومنها يخرج النار والنور والحرارة، فهي شيء واحد وفيها ثلاثة عناصر.
ونرى أيضاً في هذا الإنجيل انّ المسيح يعطي السلطان لتلاميذه كي يبشّروا العالم كلّه، فالخلاص للكلّ، وليس لفئة معيّنة كما كان يعتقد اليهود: أنّهم الشعب المختار، والخلاص هو لهم فقط. وطلب منهم أن يُعمّدوهم، وهو سيبقى معهم إلى إنتهاء الدهر، إذاً نحن لسنا بوحيدين، بل الربّ معنا وهو مِجَنّنا، فهو قال : “لَقَدْ أُعْطِيتُ كُلَّ سُلْطَانٍ في السَّمَاءِ وعَلى الأَرْض”، فليس علينا أن نخاف مجدداً. وكما يقول لنا مار بولس في رسالته إلى الرومانيين : ” إِذَا كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟” 8/31