أيُعقل بأنّ الإنجيل، “البُشرى السارّة” ينقل لنا في خطبة النهايات (متى 24-25) نهاية قاتمة سوداء للعالم؟ وإذا صحّ ذلك القول فلا تغدو البشرى سارّة بل محزنة! فما هو الجواب؟
النهاية لا يمكن أن تكون إلاّ سارّة: عندما يصبح الله الكلّ في الكلّ
من الإنجيل نفسه الجواب
“وتجيء النهاية بعدما تُعلن بشارة ملكوت الله هذه في العالم كلّه” (متى 24/14). فالنهاية المرجوّة بحسب الإنجيل هي سارّة، وهي مربوطة بإعلاننا للبشارة: بالعيش أوّلاً ثمّ بالقول، فيتحقّق “ملكوت الله على الأرض” بملك المسيح يسوع في قلوب البشر. فيغدوا الله وحده “الكلّ في الكلّ” (1قور15/24) وكلُّنا مسؤول عن هذا الإعلان
نهاية العالم السّارة ابتدأت بموت يسوع على الصليب
لا يختلف مجيء ابن الإنسان عن مجيئه بالجسد وبدء ملكوته على الأرض. فكما “البرق يلمع من المشرق ويضيء بالمغرب” (متى24/27) كذلك تجلّت حقيقة المسيح كإله حقّ بموته على خشبة الصليب، فأعلن القائد والجنود “بالحقيقة كان هذا الرجل ابن الله” (متى27/54). وكما في نهاية العالم “تظلم الشمس ولا يُضيء القمر وتتزعزع قوّات السماء” (متى24/29)، كذلك عندما مات المسيح على الخشبة “عند الظهر خيّم على الأرض كلّها ظلام حتّى الساعة الثالثة” (متى27/45) “وتزلزلت الأرض وتشقّقت الصخور” (متى 27/51) وإذا كانت خطبة النهايات ابتدأت بانباء يسوع بخراب الهيكل (متى 24/1-2) فمع موت يسوع على الخشبة ابتدأ تحقيق النبوءة: “انشقّ حجاب الهيكل شطرين من أعلى إلى أسفل” (متى 27/51)، فبموت المسيح ونزوله إلى الجحيم ابتدأت نهاية العالم السارة وزوال سلطان الظلام. وهكذا نفهم ما يقوله متّى عند موت المسيح: “وانفتحت القبور فقامت أجساد كثر من القدّيسين الراقدين. ودخلوا إلى المدينة المقدّسة وظهروا لكثر من الناس” (متى27/53). فبموت المسيح انهزم سلطان الموت وابتدأت مرحلة إعلان البشارة بالقيامة
وهكذا إذا كان مجيء ابن الإنسان الأوّل قَلَبَ الموت قيامة، فكم بالأحرى مـجيؤه الثاني، لمن يؤمنون به؟