في الأحد الثالث من الصوم، ها نحن مع المنزوفة، ومع يائيرس وابنته. إنّها لوحة شفاء ولوحة إحياء. وفي كلتيهما، نجد يسوع المخلّص، ونجد أنفسنا معنيّين مباشرةً بما يحدث، تارةً من خلال المنزوفة، وتارةً من خلال يائيرس وابنته، وفي أوقات أخرى من خلال بطرس والتلاميذ
إيمانك خلّصك … إذهبي بسلام
ما من قوّة بشريّة كانت قادرة أن تشفي المنزوفة. إنّه العجز البشريّ الكامل تجاه مرضها. وفضلاً عن شقائها البشريّ، كانت تشعر بعزلة وبعقدة ذنب، إذ كانت تعتقد، كما تعلّمها شريعتها، أنّها نجسة وأنّه يجب ألاّ تمسّ أحداً. علمت أنّ في الإيمان بيسوع خلاصَها. أتت إليه “في عزلة”، أي خلسة، دون أن يعلم أحد. ذهب إلى “شريعته”، أي آمنت به، ومسّته ونالت البرء. فزال عنها الشقاء وتمّ انتشالها من عزلتها. صارت قويّة متسلّحة بإيمانها وبعمل الربّ في حياتها، فوقفت أمام الشعب كلّه وأبانت نعمة الربّ
آمن أنت… تُخلَّص هي
في قصّة يائيرس وابنته، عظمة حبّ أب لابنته وتضرّع من أجلها. في ذلك بالطبع أُمثولة عن الربّ الأقوى من الموت، الذي ينتصر عليه بقوّته وبحكمته. ولكنّ ناحية تجذب كلاًّ منّا، ألا وهي التضرّع من أجل الآخرين. قال يسوع ليائيرس: آمن أنت… تُخلَّص ابنتك. طلب منه أن يثبت في الإيمان، من أجل الإبنة، فبيّن الربّ أهميّة الصلاة من أجل الآخرين، أحبّائنا أوّلاً، والجميع ثانياً. إنّ الصلاة تحمل الخير، وبقدر ما نزرعه، بقدر ما ينتشر فينا وفي محيطنا، بدءًا من عائلتنا وجماعتنا، وصولاً إلى الكون كلّه. فلنقف خاشعين أمام فكرة الصلاة من أجل الآخرين ولنصلّ
إيمان ثابت، حتى النهاية
حين أتى الخادم بخبر عن موت الإبنة، قال يسوع ليائيرس: “لا تخف”. هي العبارة التي تشبه: “إذهبي بسلام”. وهي أيضاً من مفاعيل الإيمان والخلاص. قال له يسوع كذلك، بالرغم من أنّ خبر الموت أكيد. ولكن، يبدو من نهاية الرواية، أنّ يائيرس ثبت في إيمانه، فخلصت ابنته وعادت إلى الحياة. إنّه الإيمان الحقيقي الذي يثبت، حين ترى أعين البشر أنّ الأمر قد تأخّر أو فات. الإيمان الحقيقي يقاوم حتى تجربة الموت. إنّه ثقة تتخطّى الموت إلى الحياة والقيامة. كم مرّة نختبر هذا الأمر في حياتنا على الأرض. نعتقد أنّ لا رجاء بعدُ، ونتعرّض لتجربة الإحباط، أو التخلّي عن الإيمان.
وحده الثبات في الإيمان هو الذي يعطينا انتصاراً أكيداً، ويوصل إلى الخلاص، بدءًا من هذه الحياة.
فلنُبقِ صوت يسوع في آذاننا، إذ قال:لا تخافوا