إنجيل اليوم يحدّثنا عن إيمان المرأة الكنعانيّة بيسوع، وعن أهميّة الإيمان والصلاة في حياتنا في مواجهة كل المصاعب. عندما طلبت تلك المرأة من يسوع أعجوبة رفض الاستجابة لها في بادئ الأمر ثم عاد فقبل. فما الذي قصده يسوع من هذا التصرّف وما هي الرسالة التي يوجّهها إلينا اليوم؟
أتت المرأة الوثنيّة إلى يسوع مؤمنة بأنه سوف يشفي ابنتها. رفض يسوع أن يساعدها في بادئ الأمر ولم يلبِّ طلب المحتاج سريعاً كما جرت العادة، فقد قام بذلك عمداً لا بغية الإساءة إلى المرأة بل امتحاناً لإيمانها. هذه اللوحة الإنجيليّة تكشف لنا طريقة الله التربويّة التي تثبّتنا على الإيمان. فالإيمان له مقتضياته المتسامية، ولا يعيشه وفق مقتضياته سوى الأبطال، فلا إيمان من دون صبر و ثبات. كل إنسان مؤمنٍ معرّض أن يمرّ في محنة الإيمان، فيحسّ أن الله أصمّ، لا يستجيب لمطالبه.
ثقة المرأة الكنعانيّة،وثباتها على الإيمان بيسوع كانا الطريق الوحيد الّذي حنّن قلب يسوع، فأجابها: “عظيمٌ إيمانك! فليكن لك كما تريدين!”
من هنا نفهم أنّ يسوع لا يرفض أن يشارك الوثنيين “بخبز البنين” بل هو يدعوهم أن يصيروا أعضاءً فاعلين في جسمه السرّي وأن يشاركوا في الإفخارستيا.كما يدعو تلاميذه إلى تبشيرالشعوب الوثنيّة. فهم مشمولون بالخلاص بيسوع المسيح وإيمانهم به يؤهّلهم للقيامة والحياة الأبديّة.
إيمان المرأة الكنعانيّة هو مثال لنا كي نصلّي من دون ملل، فعندما نطلب من الله علينا أن نثق بأنّه قادر أن يعطينا، و هو الذي يعلم الوقت المناسب كي يعطينا، فيسوع كان يعني كلامه حين قال : ” سلوا تعطوا اطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم. من يسأل ينل، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له” ( متى 7،7-8)
الخطر المحدق بنا اليوم هو ظننا في بعض الأحيان أننا بغنىً عن معونة الله، فندّعي أننا قادرون على الأجابة على كلّ الأسئلة و على حلّ مشاكلنا بأيدينا وحسب من دون اللجوء إلى الله عندما نواجه المشاكل.
إن إيماننا المسيحي ليس فلكلوراً نتناقله أو قصّةً نستمتع بسماعها، بل هو عيش وثقةٌ بالله علينا أن نعيشها وأن نبشّر بها الآخرين كما قال مار بطرس في رسالته الأولى ” كونوا دوماً مستعدّين للدفاع تجاه كلّ من يسألكم عن منطق الرجاءالذي فيكم”.( 1بطرس 3،15)