يُكمِّل إنجيل الأحد السادس من زمن الصليب سلسلة أناجيل الآحاد الماضية من هذا الزمن والتي تخبّرنا عن مجيء يسوع الثاني ومصير الإنسان يوم الدينونة.
يُشدِّد يسوع في مثل الوزنات على العمل الشخصيّ الجدّي وعلى مسؤوليّة المؤمن في استعمال عطايا الله وهباته واستثمارها بأمانة وثقة والسعي المتواصل من دون كسل أو ملل، لكي يؤدي حسابًا رابحًا إلى الربّ يوم مجيئه. فالربّ يوزِّع نِعَمهُ علينا كلٌّ بحسب قدرته، فلم يأخذ أحد منّا أكثر أو أقلّ ممّا يستطيع استثماره. لذلك إن فَشِلْنا في استخدام نِعَمه فلا عذر لنا. فالله يُريدنا أن نعمل معه على الأرض لنكون معه إلى الأبد، لدى مجيئه الأخير.
والتعبير “وبعد زمان طويل، عاد سيّد أولئكَ العبيد وحاسبهم” فهو دليل على أنّ الله يُعطينا الوقت الكافي من أجل القيام بعملنا بحريّة وبطريقة جيّدة كاملة حتى متى جاء يُشركنا في ملكوته السماويّ حيث السعادة الأبديّة والفرح والسّلام والمحبّة.
بَيْدَ أنّ العبد الذي أخفى الوزنة في الأرض يُعاقب “ويؤخذ منه حتى ما هو له” ويُلقى في الظلمة البرانيّة، لأنّه لم يستثمر نِعَم الله، بل فكّر في نفسه وانانيّته بحيث استثمر هذه الهبات والعطايا للخطيئة وتنائجها.فشوّه علاقته بسيّده وتقوقع على نفسه، فلم تُثمر الوزنة التي يملكها.
بشارة هذا الأحد المبارك دعوة لنا إلى العمل بجدٍّ واجتهاد وأمانة وتنمية نِعم الله وعطاياه فينا، والاستفادة من الوقت والوزنات التي أعطانا إيّاها والإستعداد الدائم لمجيئه بعمل الخير والمحبّة والخدمة وبناء الملكوت في قلوبنا وفي قلوب الآخرين . ولتنمية هذه الهبات ، علينا ان نقوم دائماً بالصلاة والسهر على نفوسنا والتوبة الدائمة والرجوع المستمرّ إلى الله في كلّ عملٍ. وما الوزنات التي أعطانا الله إيّاها سوى تعبير عن غناه وسخائه وجوده اللامتناهي.
وأخيراً، لنا خير مثال هو القدّيس شربل الذي قضى العمر بمحبّة الرب والسهر على قداسة نفسه وتنقيتها من كل ما يبعدها عنه، فاستثمر الوزنات التي اعطاه ايّاها الله، فكانت له القداسة، ولنا المثال الصالح في كيفيّة عيش الانجيل الّذي هو كلمة الحياة الموجودة في اعماق قلوبنا وكيف علينا ان نثتثمر هذا الكلمة الحيّة في حياتنا .
فالحمد والشكر والسجود والإكرام لله الذي يعتني بنا ويُظلِّلُنا بوصاياه السنيّة