إن كان السيِّد المسيح في كل يوم يحمل الجرحى على كتفيه كالسامري الصالح ليدخل بهم إلى كنيسته، مقدِّما لهم الروح القدس (الدينارين) يسندهم ويعولهم حتى يرجع إليهم في مجئيه الأخير، فماذا يفعل هؤلاء الداخلون إلى الكنيسة؟ هذا ما تجيب عليه قصَّة لقاء مرتا ومريم بالسيِّد المسيح في قرية بيت عنيا.
وفي هذا النصّ تظهر لنا مرتا العاملة ومريم التأمّلة، فالتأمّل والعمل مطلوبان من تلاميذ يسوع، لكن كثرة العمل دون تأمّل تجعل التلميذ ينحرف عن جهاده. كما كثرة التأمّل والصلاة يجب أن تقترن بالعمل.
لكن إن كانت مرتا اختارت ان تطعم الربّ، فمريم اختارت النصيب الأفضل وهو ان يطعمها الربّ الخبز الحقيقيّ، فلا تعود وتجوع ابداً.
إذاً طعام النفس افضل من طعام الجسد. وعلينا ان نرى أنّ كثرة الإنهماكات الأرضيّة رغم اهمّيتها قد تبعدنا عن حياة التأمّل والصلاة.
ونرى ايضاً، كما يقول لنا المسيح انّه هو الكرمة ونحن الأغصان (يوحنا 15/ 1-17)، فكل ما نفعله علينا العودة الى المرجع الأساسي وهو يسوع المسيح، “كَمَا أَنَّ الغُصْنَ لا يَقْدِرُ أَنْ يَحْمِلَ ثَمَرًا مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِهِ، إِنْ لَمْ يَثْبُتْ في الكَرْمَة، كَذلِكَ أَنْتُم أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.” يوحنا 15/3