في قصّة شفاء المخلّع ، يبدّل يسوع حلة إنسان ساعده آخرون في الوصول إلى حيث يريد، فينطلق المخلّع انطلاقةً جديدةً في الحياة. تجاه عمل يسوع، هناك من يعترض وآخرون يمجّدون الله لما عاينوه في حياتهم. تعود هذه اللوحة الإنجيلية فترتسم في واقع كلّ إنسان، يعلم تمامًا أنّ الربّ يبدّل واقع البشر، وانّ هناك تصدّيًا لعمله، من جهة، وتمجيدًا له، من جهة ثانية
يسوع يبدّل حالة الإنسان
تأمّلنا في أكثر من شفاء، خلال زمن الصّوم، لكنّ قصّة المخلّع، تجعلنا نشعر، بشكل مميّز، كيف يبدّل الربّ حياة الإنسان. لقد كان هذا الإنسان مخلّعًا، عاجزًا عن الحركة والإستقلاليّة. فضلاً عن ذلك، كانت علاقته مع الله غير صحيحة. فقام يسوع تجاهه بشفاء أرجع له عافيته، وصار بمقدوره أن يمشي.كما غفر له، فأعاد له حُسْنَ العلاقة مع الله. ربّما كانت حالة المخلّع تعكس حالة الكثيرين منّا، باشكال مختلفة. فكم تطرحنا الحياة أرضًا، ونصبح شبه عاجزين حيالها وحيال صعوباتها، ونُضحي غيرَ قادرين على الحركة فيها كما نريد. حينها نتساءل عن معنى الوجود ونعيش شبه يأس أو ربّما اشمئزازًا ممّا يحدث معنا، ومن ماهيّة الحياة. ولكن، ليس هذا هو الموقف الحياتيّ الصحيح. فالموقف الذي يوصل الإنسان إلى الخلاص، هو الاتّجاه صوب يسوع. إنّه وحده الكفيل أن يبدّل حالتنا، فيغفر لنا وتصبح علاقتنا مع الله صحيحة، ويشفينا، ربّما بأعجوبة من المرض الجسديّ، وربّما يترك بحكمته الأمر الطبيعيّ يحدث معنا، ولكن ما هو أكيد هو أنّه يشفينا من كلّ يأس أو تخاذل أو اشمئزاز، ويعطينا فرح الحياة، لننطلق من جديد، كما المخلّع، الذي قام أمام الجميع وخرج، فانطلق، من جديد، على دروب هذه الحياة
الكنيسة صوب المسيح
صدق الذّين اعتبروا الرّجال الأربعة الذّين حملوا المخلّع إلى يسوع، صورة للكنيسة التي تحمل المؤمن والإنسانيّة صوب المسيح. فالكنيسة هي أمّ ومعلّمة. هي الأمّ التي تتحنّن على ابنها، فتعطيه الغذاء المناسب، وتقيه من كلّ ما يؤذيه، وتحمله إلى كلّ مصدر أمان وخلاص له. وغذاؤها هو الحقيقة التي تحملها، وهو الأسرار التي يتّحد المؤمن من خلالها بالله، وهو التعليم الذي به ترشد المؤمنين. في كلّ ذلك، تحمل الكنيسة المؤمن صوب المسيح، لتبدّل حياته، وتسمح له بالانطلاق مجدّدًا على دروب هذه الحياة
فمن جهة، يشعر كلّ مؤمن بالطمأنينة، إذ يعلم أنّ آخرين، في الكنيسة يعضدونه في مسيرته نحو الربّ. ومن جهة أخرى، على كلّ مؤمن أن يتمّم، في الكنيسة، دور اولئك الذّين حملوا المخلّع، فيعيش بطيبة ومسؤوليّة، حاملاً همّ الآخرين، مفكّرًا بجدّية وواقعيّة كيف يمكنه أن يساعد الذّين يرزحون تحت أثقال الحياة، ولا يستطيعون التحرّك، وحدهم، كما يشاؤون .
لفّ العجز حياة المخلّع، فحمله محبّون إلى يسوع. فلنعلم أنّ عند الربّ تتبدّل حياتنا، ولنتعلّم ان نكون محبّين نحمل الآخرين والكون إلى الربّ. فلنقم بذلك في أحضان أمّنا الكنيسة، ولنعلم كيف نتأمّل بخشوع في كلّ ما صنع الله من أجلنا فنندهش ونمجّده