إن هذا الإنجيل يؤكد لنا نسب يسوع المسيح البشري، اي ان ميلاد المسيح حقيقة وليس بِوَهم أو شبّه له ذلك. فهو إذاً المسيح الملك المنتظر حسب الوعد، فهو ابن ابراهيم وابن داود، فكان وعد الله لإبراهيم: “ويتبارك بنسلك جميع أمم الأرض” (تك22/18)، ولداود “من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك” (مز132/11).
فهو يبارك جميع الخلق كما قال لإبراهيم وليس كما كان يريد اليهود : الخلاص لهم فقط، وهذه الأبوّة هي روحيّة اكثر مِن انها جسديّة إذ الخلاص هو لجميع البشر. وحسب سرد القديس متى لنسب المسيح، هو ينطلق من ابراهيم الى المسيح ليؤكد لنا ان المسيح قد اتى ليحمل خطايا العالم كلّه.
ايضاً إن يسوع هو ابن يوسف، ونحن نعلم ان يسوع ليس ابنه بالجسد، بل إن يوسف قد تبناه وربّاه وهذه العلاقة الروحيّة هي ايضاً مهمّة : لذلك نجد القدّيسة مريم نفسها التى أدركت سرّ ميلاده العجيب تقول ليسوع : “لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنّا نطلبك معذّبين” (لو 2/ 48).
ايضاً لم يذكر الإنجيليّ متى أسماء نساء عظيمات يفتخر بهنّ اليهود كسارة ورفقة وراحيل، إنّما ذكر تامار التي ارتدَت ثياب زانية (تك 38)، وراحاب الكنعانيّة الزانية (يش 2/ 1) وبَتْشبْع التي يلقّبها ” امْرَأَةِ أُوْرِيَّا ” مُظهرًا خطيّتها مع داود الملك، وهذا ليرينا ان نسل الإنسان الذي وقع في الخطيئة قد طهّره المسيح واصبح باستطاعتنا التغلّب على الخطيئة، كي نصبح نسل قداسة وليس نسل خاطئ، فالمسيح اتى للخطأة بشكل اوّل. ونرى عظمة المسيح في تواضعه، إذ هو غير اليهود الذين يقولون انّهم ابناء ابراهيم فقط وينكرون انهم ايضاً من نسل خطأة، فهو لا ينكر ذلك بل هو يخلّص الجميع اليهود وغير اليهود، خاصة أن راعوت موآبيّة وراحاب كنعانيّة فهم ليسوا بيهود.
وينهي الإنجيليّ متى بثلاثة اجيال: فالأولّ يبدأ بإبراهيم وينتهي بداود، فهذه الأجيال لم تقدّس شعب الله إذ انتهى بهم المطاف الى الخطيئة والسبي الى بابل، ولكن تعود اخيراً لتلاقي مسيحها الحقيقيّ، امين
وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: “سمح لنفسه أن يُدعى ابن داود ليجعلك ابن الله! سمح لعبد أن يصير له أبًا، حتى يكون لك أيها العبد الرب أبًا لك!… وُلد حسب الجسد لتُولد أنت حسب الروح! وُلد من امرأة لكي تكف عن أن تكون ابنًا لامرأة