يشرح لنا هذا الإنجيل أنّ عمل المسيح كان بمعونة الروح القدس. ويقول أيضاً : ” وكان يعلّم في مجامعهم”، وكلمة “مجامعهم” هي من الأدلّة الراهنة على إنفصال المسيحيّة من كنف اليهودية. وإن يسوع ما زال يعلّم إلى الآن في كنائسنا، خاصة من خلال كلمته في الإنجيل، وعبر شهادة المؤمنين. والقول : ” وكانَ يُعَلِّمُ في مَجَامِعِهِم، والـجَمِيعُ يُمَجِّدُونَهُ”، هو دلالة على تقدير الناس له، خاصة في الناصرة بلدته. ولكن عندما كان يوضح لهم أنّه هو المسيح المنتظر كانوا يعودوا إلى نكران ذلك، وكأنّ الشعب اليهودي يريد أن يحدد خلاصه من دون العودة إلى الله، على عكس ما بدأ النصّ، أن الروح كان يقود المسيح، فاليهود هنا يبرهنون تخلّيهم عن إتكالهم على الله، وكأنّهم يحددون كل شيء بنفسهم، لا كما يريده الله.
كان المسيح إلهًا متأنِّسًا، وبصفته إلهًا يهب الروح القدس للخليقة بأسرها، وبصفته إنسانًا يتسلَّم الروح القدس من الله أبيه. إن المسيح يقدِّس الخليقة قاطبة.
ونرى في الآية 18 : ” روح الرب عليّ، لأنه مسحني لأُبشِّر المساكين …”، أن البشارة هي للمساكين وليس للمتكبرين، بل لمتواضعي القلوب. إذاً، من كان يريد أن يتبع المسيح، عليه أن يفرغ نفسه من التكبّر وكل ما يختصّ بالمجد الباطل، ويملأ نفسه بكلمة الربّ، وتسليم نفسه له، حيث يستطيع الروح القدس أن يتكلّم فيه. وتكمل : “… وأَرْسَلَنِي لأُنَادِيَ بِإِطْلاقِ الأَسْرَى وعَوْدَةِ البَصَرِ إِلى العُمْيَان، وأُطْلِقَ الـمَقْهُورِينَ أَحرَارًا”، فهو سيطلق الأسرى من سجن الخطيئة، ويعيد البصر للعميان عن الإيمان، ويبرر الصدّيقين والمضطهدين، وقد أعطانا الخلاص ومنحنا روحه القدوس، كي يتبرر ويخلص به الجميع.
فهلمّوا نتقدس ونبشّر بالخلاص من خلال حياتنا كل يوم بإصغائنا لإلهامات الروح القدس، وطلب معونة الله وليس بالإتكال على قوّة الشخص نفسه