إنجيل هذا الأحد الثّاني بعد الدنح يأتي مباشرة، في اليوم التالي، بعد اعتماد يسوع. حسب ما روى القدّيس يوحنّا الّذي يطلعنا على العماد ودعوة التلاميذ الأوائل، عبر ثلاثة أيّام، من خلال تعبيره “في الغد” يو1/29؛ 1/35؛ 1/43
ففي اليوم الثّاني يشهد أيضًا المعمدان لتلميذيه بأنّ المسيح “هو حمل الله”. وبذلك يكون قد هيّأ ليسوع بصورة مباشرة، لا بالشهادة والعماد فحسب، بل بدعوة تلاميذه إلى اتّباع يسوع، محقّقًا ما قاله: “عليه هو أن يزيد، وعليّ أنا أن أنقص” يو3/30
ولم يكتفِ بذلك، بل عبّر عن صلة شخصية وقربة دموية، تربطه بالمسيح من خلال عبارة: “فحدّق إليه” وكيف لا وهما تلاقيا منذ الحشا، (لو1/39-45). لذلك أثّر كلامه في قلب التلميذين، فتبعا يسوع قائلين: “رابّي” وهي لفظة آرامية تعني: سيّدي، عظيمي. استعمل هذا اللقب، أيّام المسيح، للمعلّمين الكبار، ثمّ أصبح لقبًا رسميًّا للأساتذة الكبار في مدرسة يَمْنِيا (80-100). وأقاما عنده ذلك اليوم، وكانت السّاعة الرابعة بعد الظّهر، ممّا يؤكّد حسب التقليد أنّ التلميذ الآخر هو يوحنّا الإنجيليّ نفسه، نظرًا إلى دلائل عديدة في النصّ على شهادة يوحنّا الشخصّية، ونظرًا إلى أنّ الأناجيل الإزائية تُجمع على أنّ التلاميذ الأربعة الأوائل هم: بطرس، إندراوس، يوحنّا ويعقوب. أيضًا هنالك شرّاح يرون أنّ التلميذ الآخر هو فيلبّس، الّذي يغلب ظهوره بصحبة إندراوس في الإنجيل الرابع، لذا نرى أنّ إندراوس لقي أوّلاً أخاه سمعان، فقال له: “وجدنا مشيحا، أي المسيح”. ممّا يعني: (أنّ إندراوس أوّل من لقي سمعان، أي قبل كلّ شيء، أي أوّل الاثني عشر مقامًا). وجذبه إلى “مشيحا، أي المسيح” وهي لفظة آرامية، لا ترد هكذا، في العهد الجديد، إلاّ في (يو1/41؛ 4/25). وكلمة “المسيح” تعني الّذي نال المسحة. ثمّ نرى فيلبّس في اليوم التالي “في الغد” أي في اليوم الثّالث من معموديّة يسوع كما أشرنا أعلاه يجذب نتنائيل إلى يسوع يو1/45
صحبتهما تظهر أيضًا عند أعجوبة تكثير الخبز والسّمك، (يو6/5-9). وهما اللّذان جذبا إلى يسوع، اليونانيّين في أيّام العيد يو12/20-22
أمّا خاتمة النصّ أي الآية (42) فهي مثالٌ للدعوة المسيحية من خلال ما يلي
أوّلا: “حدّق يسوع إليه” تعني ليقيم صلة شخصية به. كما حدّق يسوع إلى الشّاب الغني وأحبّه (مر10/21). فالرّب يدعو ويترك للإنسان حريّة خياره
ثانيًا: “كيفا” كلمة آرامية معناها “الصخرة” وبطرس كلمة يونانية معناها “الصخرة” أيضًا. فهذه الكلمة لقبٌ يدّل على مهمة سمعان كما ورد في قيصرية فيلبّس (متى16/18)، ثمّ صارت اسم علمٍ له
من هنا نرى تغيّر الأسماء عند السيامة الكهنوتية وإبراز النذور الرهبانية، دلالة على موت الإنسان العتيق وإحياء الإنسان الجديد، إضافة إلى مهمة موكلة من صخرة خلاصنا، مهمة إعلان التوبة ونشر ملكوت الله متى3/2
فيا إخوتي الأحباء، محبّي القدّيس شربل، تعالوا معًا كلّ منّا يقيّم دعوته الخاصّة، ويلتزم بها من جديد، واثقين بأنّ لا سلام لنا ولا قداسة خارج الإقامة مع الرّبّ يسوع المسيح، والقدّيس شربل خير شاهد لنا ولوطنه الأحبّ لبنان