في الأحد السادس من زمن الصوم الكبير، لنا وقفةٌ مع يسوع السائر في الطريق، متقدّمًا الجموع، ومع أعمى، جالسٍ على جانب الطريق، استطاع، بصرخة إيمانيّة، أن يستوقف يسوع، الذي منحه الخلاص، معيدًا إليه البصر. فسار ذاك الأعمى المعافى وراءه، على الطريق، وأصبح تلميذه. في كلّ ذلك، أمثولة لنا ولمن حولنا حول البصيرة التي يجب أن يتحلّى بها الإنسان، ليتبع يسوع في الطريق. ولا شكّ أنّ الصوم يساعد على ذلك
على تلك الطريق، وعلى جانبها
على تلك الطريق، سار يسوع ليحقّقَ الخلاص لكلّ إنسان، في مسيرة توَّجها بموته وقيامته. وتعود هذه المسيرة، فتتحقَّق في الكنيسة، وفي حياة كلّ مؤمن، يبدأ مسيرة مع يسوع، داخل الكنيسة، مسيرة تسمح له أن يعيش مفاعيل الخلاص. في هذا السياق، يسأل كلّ مؤمن الربّ، مثلما سأله توما: “كيف نقدر أن نعرف الطريق؟”. ويسمع الجواب ويقتنع به: “أنا الطريق والحقّ والحياة”. فيتابع المؤمن تلك المسيرة، ويكتشف فيها وجه الربّ ويعلم أنّ “لا خلاص بأحد سواه، لأنّه لم يُعطَ تحت السّماء، بين النّاس، إسم آخر، به ينبغي أن نخلص”. كما يعلّمنا القديس بطرس في كتاب أعمال الرسل
الصوم، البصيرة، القيام من جانب الطريق، الوثوب إلى يسوع
في خضمّ الحيرة، والعمى الوجوديّ، يظلّ يسوع على تلك الطريق، حاضرًا يريد أن يخلّص. وهذا ما يدفع الإنسان الذي على جانب الطريق أن يتشجّع. يبغي العودة إلى الذات، ويعرف أنّ الصوم هو من الوسائل الفعّالة التي تساعد المؤمن على البقاء مع الذات أو على العودة إليها. فيمارس هذه الفضيلة، موجّهًا ذاته إلى يسوع الموجود على طريق الخلاص. ويشعر “الأعمى الوجوديّ” ببؤسه، وتعود إليه البصيرة أنّ في يسوع وحده الخلاص، فيصرخ: “يا ابن داود، ارحمني”. يعلم أنّ طلب الرحمة لا يردّه الله، بل يُغدق عليه نعمه ويقويّه ويطلب إليه أن يأتي إلى الطريق، اي أن يبرهن لذاته أوّلاً أنّ لا شيء يكبّل الإنسان بشكل نهائيّ، فالله الذي يدعو الإنسان يساعده لكي ينتصر على كلّ عائق. إنّما على الإنسان أن يتشجّع دومًا ويعاود النهوض، مهما كلّفه من أمر. كلّ واحد يستطيع أن يأتي من جانب الطريق، ويطرح رداءه، ويركض صوب يسوع، وينال الخلاص، ويتبعه في الطريق
فلنصلِّ إلى الربّ لكي يمنحنا نعمة رؤيته على الطريق، طريق الخلاص، فنستطيع، إذا كنّا على جانب الطريق، أن نقوى، في داخلنا، على كلّ عائق، ونركض صوب يسوع، ونتابع معه المسيرة، حتّى النهاية