إنصراف يسوع الى نواحي صور وصيدا يعني ذهاب يسوع الى غير اليهود الذين لم يقبلوه. فعدم ايمان اليهود يقابله إيمان المرأة الكنعانيّة بقولها ” إِرْحَمْني، يَا رَبّ، يَا ابْنَ دَاوُد”، فعبدة الأوثان اعترفوا بيسوع مخلّصاً وليس خاصته، الذين يملكون كل الكتب والنبوءات. فعلينا القول بأنّ يسوع هو الرحوم الذي “خرج” للقاء الأمم (أي الشعب الوثني) فـ”خرجت” هذه المرأة ولاقته، أي خرجت عن إيمانها الوثني، لتعترف به أنّه الله، إبن داود. وهنا صمت المسيح دلالة على حزنه على شعبه، وفرحه بإيمانها. وهذا واضح مِن خلال طلب رسله أن يصرفها، وبالمقابل هي تزداد طلباً، وإيماناً به. وجواب المسيح بنعته الأمم بالكلاب، فهو ردّد ما كان ينعت به اليهود هؤلاء الشعب، وقد برهن لهم المسيح في هذا أن الأمم الذين يعتبرونهم بكلاب قد آمنوا به قبل شعبه المختار، فالذين لم يؤمنوا به اصبحوا أَسْوَء حالة من هذه الكلاب.
فالمرأة الكنعانيّة عرفت حجمها ورغم ذلك بقية مؤمنة، وهي لا تطلب إلاّ البركة والخلاص وليس الإمتيازات لأنها رغبت بالفتات وليس الطعام الأساسي. فالكلاب أتت وحصلت على الخلاص قبل الأبناء، ابناء الوعد، ابناء ابراهيم