إنجيل اليوم هو خاتمة خطب النهائيّات، بحسب إنجيل متّى. هو نصّ رؤيوي عن الدينونة، حيث يستعمل متّى ثلاث صور كتابيّة من العهد القديم. ألصورة الأولى هي إبن الإنسان، الذي تنبّأ عنه الأنبياء (سفر دانيال) وصورة الملك الجالس على عرشه، وصورة الراعي الذي يفرز الخراف
ألفكرة الأولى: في هذا الإنجيل نرى ملامح وجه الله بثلاث صور. ألربّ هو نفسه الديّان، والملك، والراعي. في هذا النص، يصبح الرب أخًا لإخوته الصغار. أي يصبح هو الجائع، والغريب، والعريان، والمريض، والسجين… يقول أحد الآباء: “إنّ يسوع من بعد قيامته تغيّر وجهه، والتلاميذ ما عرفوه. لماذا؟ لأنه أخفى ملامح وجهه وراء وجوه الناس
ألفكرة الثانية: من هم الأبرار والصديقين؟ هم الّذين صنعوا الرحمة وعاشوا الحب. هم الّذين تعاملوا مع الخليقة وبالأخصّ مع المتألمين على صورة قلب الآب الرحيم. هم الّذين إلتقوا بيسوع في العريان والمريض والمتألم والضعيف والخاطىء (على جميع الأصعدة الروحيّة والجسديّة والمعنوية والإنسانية والنفسيّة…). فميزة عمل الرحمة في المسيحية، هي أن نصنع الرحمة محبّة بالرب يسوع ذاك الذي أصبح هو بدروه العريان والمريض والمتألم في كلّ إنسان نلتقيه مهما كان وضعه
أما الّذين عن شمال يسوع، هم الّذين بسبب أنانيتهم وعبادة ذواتهم رفضوا المحبّة بحياتهم قطعيًّا، أي رفضوا أن يجسّدوا الحب والرحمة والغفران والسلام. لا بل رفضوا يسوع المسيح والإنسان الذي أحبّه، فصمّموا للشر. لاذى الإنسان واستمرّوا فيه حتى النهاية. أي رفضوا الغفران من الرب وماتوا وهم عديموا الرحمة، لأنهم ما عرفوا الرحمة بحياتهم. فمصيرهم الهلاك، لأنهم هم الّذين حكموا على أنفسهم هذا الحكم
إخوتي، إنطلاقًا من إنجيل هذا الأحد، كلّ واحد منّا يعرف علامَ سيدان. (“لأنّنا سندان على المحبّة”) فلماذا أخشى الدينونة وأنا عارف من الآن ما هي الأسئلة التي سيطرحها عليّ الرب في يوم الدين، وكلّنا قادرون ولنا الوسائل لتحضيرها وتطبيقها في هذه الحياة
فكلّ إنسان ألتقي به، حتى ولو كان خاطئًا بحقّي، هو يسوع المسيح وراء ملامح وجهه. فلنرحم بعضنا البعض. لكي يرحمنا الله.
أخيرًا، فليكن أحد الأبرار والصديقين، وهم من أبناء الكنيسة الّذين جسّدوا الملكوت بأبهى صورة، هم الآن مثالاً لنا من السماء وشفعاء. ونخصّ بالذكر مريم والدة الله، والرسل والشهداء، والمعترفين والأبرار والمختارين أبناء اليمين، الّذين تقدّسوا في الحب والجهاد الثابت في سبيل الرب يسوع. إنظِمْنا يا ربّ في صفوفهم وارحمنا كما رحمنا بعضنا البعض في هذه الحياة وساعدنا لكي نعيش على مثالهم، لك المجد والشكر إلى الأبد