إن هذا الإنجيل يشرح لنا عن طريق الوصول الى الملكوت، فليس كلّ غنيّ مرذولاً من الله، وليس كل فقير صديقاً امام الله. نرى الفقير اليعازر، ومعنى اسمه “الله يعين”، فهو كان فقيراً. ولكن ليس المهم الفقر بحدّ ذاته لكن كيفية احتمال هذه الألام، فقد كان رجائه في الله، ولم يكن يحسد ذلك الغنيّ، ولم يكن له بغض تجاهه، ولم يجدّف عليه ولم يجدّف على الله.
ومِن الناحية الثانية، نرى الغنيّ غير مكترث للعازر، فهو يعرفه جيداً، يوكد لنا هذا مناداته بإسمه عند رؤيته في حضن ابراهيم. فكان ذلك الغنيّ يراه مراراً ولا يكترث له، فقد رأينا معنى عدم الإكتراث هذا وغضب الله عليه في إنجيل احد الأبرار والصدّيقين (متى 25/31-46). فكان الغنيّ يصرف ماله على التنعّم بالدنيا واهوائها، ولم يكن يعطي لعازر حتّى الفتات من الخبز.
إذاً ليس الفقر غاية في ذاته ولا الغنى شر في ذاته، إنما حياة الإنسان هي التي تفسد هذا أو ذاك؛ الحياة المدللة المترفة غير المترفقة بالمحتاجين تهين الغنى، والحياة المقدَّسة الشاكرة تزين الفقر. ولنتأمّل قصد الله من هذا المثل، فهو يذكر اسم الفقير اي اليعازر، ولا يذكر اسم الغنيّ، ونحن نعلم أنّ اهميّة الإسم هي باهميّة الشخص، اي أنّ الغنيّ ليس بموجود لدى الله. فهنا لم يكن يلاطفه الغنيّ، فهو ساقط، ويُعتبر اقلّ قيمة مِن الكلاب التي كانت تأتي وتلحس جروحه، فهو لم يفعل حتّى هذا.
فلنلاحظ كلام المسيح، إنّ الأبرار الذين يجعلون رجاءهم في الله، تأتي الملائكة وتأخذهم الى السماء، كما حصل مع لعازر، على عكس الغنيّ الذي مات ودفن، وهو يلاقي جزائه لا بكونه غنياً، بل بكونه متكبراً وغير رحوم.
لنأخز عبرة من هذا الإنجيل، فالفقير قد ارتاح عند ابراهيم ابو المؤمنين، ليدلنا على كيفيّة عيش الإيمان الصحيح كالفقير: اي متجردين عن هذه الدنيا، غير حسودين، غير غيورين، ليس لدينا تعلُق بالماديات من منازل وثياب وتنعم بالطعام، متحملين بصبر الالام والفقر والعوز في سبيل مغفرة خطايانا. فبعد الموت لا مجل للتوبة، إذ إن هناك ” هُوَّةً عَظِيمَةً”، فلنتوب على الفور ما دام بإستطاعتنا ذلك