نرى في هذا النصّ مدى إندفاع الخاطئ إلى التوبة، ونرى في المقابل أن يسوع هو الذي ينتظرنا، فقبل أن يتكلّم زكا، نظر يسوع إليه وبشّره بالخلاص.
ثانياً : يؤكّد يسوع أن الخلاص هو للجميع ورحمة الله غير متناهية حتى المبعدين عن الجماعة مثل زكا الذي كان منبوذاً مِن الجماعة كونه عشّار. فالعشّار، بالنسبة لليهود هو نجس ودنس، لكنه يظهر الوحيد بين تلك الجموع الذي كان قد تاب أوّلاً، واراد أن يخلص، ويظهر ذلك من خلال شغفه لرؤية المسيح، وعند توبته، اراد إرجاع ما سرقه للفقراء بالطريقة التي كانت التوراة تحددها، إذاً كان زكّا قد تهيّء قبلاً لرؤية المسيح بقلب صافٍ وتائب. وهذا ما يدعونا إلى التوبة، إذ برئيس العشّرين، النجس، والخائن والدنس قد تاب وعاد ليخلص، فما الذي يمنعنا من صنع الشيء نفسه.
ثالثاً : ربّنا يريد توبة الخاطئ وليس هلاكه. إذ، إنّ المسيح يترك الجموع المحيطة به، أي يترك المجد الذي تقدّم له، ليمنح الخلاص لمن تاب. وقد دعاه المسيح : ” ابناً لإبراهيم”، ليس ذلك بحسب الجسد، إنّما ابراهيم هو ابُ المؤمنين، كما أن إبراهيم ترك كل شيء ليرى الله، هكذا زكا قد ترك كل ما ابعده عن الله والقريب، ليصلح علاقته مع الله والقريب.
رابعاً : ليتنا على مثال زكّا نعبر كل ما يعيقنا عن التقرّب ورؤية المسيح بدون تردد، فزكّا لم يعقه لا طوله ولا الجمع الغفير، بل تسلّق الشجرة بسرعة. ويمكننا القول أن الجمّيزة التي صعدها زكا، ترمز إلى أعمال التوبة والأعمال الصالحة التي تعلينا عن الأرضيات، كي نستطيع أن نرى المسيح وسط كل هذا الصخب.
خامساً واخيراً : لنتشبّه بزكا، الذي قد رجع إلى نفسه وتاب بداخله – بصمت، وقد عبر عن كل العوائق ليصل إلى المسيح. وندرك أن المسيح ينتظرنا حقاً، إذ قد عرف زكا بين كل تلك الجموع.