وسألهُ واحدٌ من الفرّيسيّين أن يتناول الطَّعام معهُ، فدخلَ بيتَ الفرّيسيّ واتّكأ
وإذا امرأةٌ، وهي التّي كانت في المدينة خاطئة، عَلِمَت أنّ يسوع مُتّكئٌ في بيت الفرّيسيّ، فجاءت تحملُ قارورة طيب
ووقفتْ باكيةً وراءَ يسوع، عند قدميه، وبدأت تبُلُّ قدَميه بالدّموع، وتُنشِّفها بشعر رأسها، وتُقبِّلُ قدَمَيه، وتدهنهما بالطّيب
ورأى الفرّيسيّ، الذّي دَعا يسوع، ما جرى، فقال في نفسه: لو كان هذا نبيًّا لَعَلِمَ أيّ امرأةٍ هي تلك التي تلمُسهُ! إنّها خاطئة
فأجابَ يسوع وقال لهُ: يا سمعان، عندي شيءٌ أقولُه لكَ. قال الفرّيسيّ: قُلْ، يا معلِّم
قال يسوع: كان لدائنٍ مديونان، أحدهما مديونٌ بخمسمئةِ دينار، والآخر بخمسين
وإذ لم يكن لهما ما يوُفيان، سامحهما كِلَيهما. فأيُّهما يكون أكثر حُبًّا لهُ؟
وأجاب سمعان وقال: أظنُّ، ذاك الذّي سامحهُ بالأكثر. فقال له يسوع: حَكَمتَ بالصّواب
ثم التفتَ إلى المرأة وقال لسمعان: هل ترى هذه المرأة؟ أنا دخلتُ بيتَكَ فما سَكبتَ على قدميَّ ماء، أمّا هي فقد بلَّتْ قدميَّ بالدّموع، ونشّفَتهُما بشعرها
أنتَ لم تُقبِّلْني، أمّا هي فمَنذُ دخلتُ لم تكُفَّ عن تقبيل قدمَيَّ
أنتَ ما دهنتَ رأسي بزيت، أمّا هي فدهَنَتْ بالطّيب قدَميَّ
لذلكَ أقول لكَ: خطاياها الكثيرة مغفورةٌ لها، لأنّها أحبَّتْ كثيرًا. أمّا الذي يغفرُ قليلٌ فيُحبُّ قليلاً
ثم قال للمرأة: مغفورةٌ لكِ خطاياكِ
فبدأ المُتّكئون معهُ يقولون في أنفسهم: مَن هو هذا الذّي يغفرُ الخطايا أيضًا؟
فقال يسوع للمرأة: إيمانُكِ خلَّصَكِ! إذهَبِ بسلام
***************
تُظهر لنا بشارة الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة، زمن الروح القدس، محبّة الله الكبيرة، ورحمته لبني البشر. فهو يغفر للخاطئ خطاياه إذا عبّر عن توبة صادقة وعاد عن ضلاله. لذلك فالتوبة والغفران هما فعل حبّ من قبل الله والإنسان في آنٍ معاً
فالمرأة الخاطئة المعروفة في المدينة تدخل بيت الفريسي مع أنها لم تكن مدعوّة، وتركع أمام الرّب يسوع وتقبّل قدميه وتدهنهما بالطّيب. فيتشكّك الفريسي من يسوع الّذي رضي أن تلمسه تلك الخاطئة
أمّا يسوع فيوضّح معنى ما قامت به من واجب الضيافة بدل صاحب البيت سمعان الّذي ارتكب خطأً اجتماعياً كبيراً إذ أهمل غسل قدمي يسوع ولم يمسح رأسه بالزيت
ثمّ قال يسوع للمرأة: مغفورة لكِ خطاياكِ!… إيمانك خلّصك! إذهبي بسلام
فالتوبة الصادقة والإيمان بيسوع المسيح والمحبّة الكبيرة أدّوا بالمرأة الخاطئة إلى غفران الخطايا والخلاص، وإلى إعطائها الطمأنينة والسلام الداخلي. فالحبّ يغفر الخطايا، وغفران الخطايا يولّد الحبّ لدى من غُفِرت له خطاياه
هذا الإنجيل دعوة لنا إلى التوبة الدائمة واتخاذها كموقف حياتي والعودة المستمرّة إلى الله وتجدّد السعي كلّ يوم نحو الرّب من دون أن نترك مجالاً للأمور الخارجية والدنيوية من أن تبعدنا عن الهدف الأسمى والمرجو. فروح التسامح والمصالحة والغفران والمحبّة هي من ثمار زمن الرّوح القدس الذي نعيشه
تشكّل الخطيئة الصفحة القديمة من حياتنا أمّا التوبة عنها فهي تُعتبر تجدّد بالرّوح القدس، روح المسيح الذي يخلقنا من جديد ويجعل منّا خليقة جديدة كلّ مرّة نتقدّم من سرّ التوبة بصدقٍ وإيمان ومحبّة ونيّة صافية ورجاءٍ بخلاصٍ أكيد