وبعد أيّأمٍ عادَ يسوع إلى كفرناحوم. وسمِعَ النّاس أنّه في البيت
فتجمَّع عددٌ كبيرٌ منهم حتّى غصَّ بهم المكان، ولم يبقَ موضعٌ لأحدٍ ولا عندَ الباب. وكان يُخاطبهم بكلمة الله
فأتوه بمخلَّع يحملهُ أربعةَ رِجال
وبسبب الجمعِ لم يستطيعوا الوصول به إلى يسوع، فكشفوا السَّقف فوق يسوع، ونَبَشوه، ودلّوا الفِراش الذي كان المُخلَّع مطروحًا عليه
ورأى يسوع إيمانهم، فقال للمُخلَّع: يا ابني، مغفورةٌ لكَ خطاياك
وكان بعضُ الكَتَبة جالسين هُناك يُفكِّرون في قلوبـهم
“لماذا يتكلَّم هذا الرَّجُل هكذا؟ إنَّهُ يُجدِّف! مَن يقدرُ أن يغفِرَ الخطايا إلاّ الله وحدهُ؟
وفي الحال عرفَ يسوع بروحهِ أنّهم يُفكِّرون هكذا في انفسهم فقال لهم: “لماذا تُفكِّرون بهذا في قلوبكم؟
ما هو الأسهل؟ أن يُقال للمُخلَّع: مغفورةٌ لكَ خطاياك؟ أم أنْ يُقال: قُمْ واحمِلْ فِراشَكَ وامشِ؟
ولكي تعلموا أنّ لابن الإنسان سُلطانًا أن يغفرَ الخطايا على الأرض”، قال للُمخلَّع
لكَ أقول: قُمْ، احمِلْ فِراشَكَ، واذهَبْ إلى بيتِكَ
فقامَ في الحال وحَمَلَ فِراشَهُ، وخرجَ أمامَ الجميع، حتّى دَهِشوا كلُّهم ومجَّدوا الله قائلين: ما رأيْنَا مثل هذا البتّة
*****************
بدّل يسوع، في قصّة شفاء المخلّع، حالة إنسان ساعده آخرون في الوصول إلى حيث يريد، فينطلق المخلّع انطلاقةً جديدةً في الحياة. ترتسم هذه اللوحة الإنجيليّة في واقع كلّ إنسان، يعلم تمامًا أنّ الربّ يبدّل واقع البشر، وأنّ هناك تصدّيًا لعمله، من جهة، وتمجيدًا له، من جهة ثانية. ربّما كانت حالة المخلّع تعكس حالة الكثيرين منّا، بأشكال مختلفة. فكم تطرحنا الحياة أرضًا، ونُصبح شبه عاجزين حيالها ونُضحي غيرَ قادرين على الحركة فيها كما نريد. حينها نتساءل عن معنى الوجود ونعيش شبه يأس أو ربّما اشمئزازًا ممّا يحدث معنا، ومن ماهيّة الحياة. فالموقف الذي يوصل الإنسان إلى الخلاص، هو الاتّجاه صوب يسوع. إنّه وحده الكفيل أن يبدّل حالتنا، فيغفر لنا وتُصبح علاقتنا مع الله صحيحة، ويشفينا. صدق الذّين اعتبروا الرّجال الأربعة الذّين حملوا المخلّع إلى يسوع، صورة للكنيسة التي تحمل المؤمن والإنسانيّة صوب المسيح. فالكنيسة هي أمّ ومعلّمة. هي الأمّ التي تتحنّن على ابنها، فتعطيه الغذاء المناسب، وتَقِيَه من كلّ ما يؤذيه، وتحمله إلى مصدر الأمان والخلاص، يسوع المسيح، لتبدّل حياته، وتسمح له بالانطلاق مجدّدًا على دروب هذه الحياة