ثمَّ خرجَ يسوع من هناكَ، وانصرفَ إلى نواحي صور وصيدا
وإذا بامرأةٍ كنعانيّةٍ من تلك النواحي خرجَتْ تصرُخْ وتقول: إرحَمني، يا ربّ، يا ابنَ داوًد! إنَّ ابنتي بـها شيطانٌ يُعذِّبـها جدًّا
فلم يُجِبها بكلمة. ودنا تلاميذه فأخذوا يتوسَّلونَ إليه قائلين: إصرِفْها، فإنّها تصرُخ في إثرِنا
فأجاب وقال: لم أُرسَل إلى الخِراف الضّالة من بيت إسرائيل
أمّا هي فأتت وسجدت لهُ وقالتْ: ساعدني، يا ربّ
فأجاب وقال: لا يُحسَنُ أن يؤخَذ خُبز البنين، ويُلقى إلى جِراء الكلاب
فقالت: نَعَم، يا ربّ! وجِراء الكِلاب أيضًا تأكُلُ من الفُتات المُتساقِط عن مائدة أربابـها
حينئذٍ أجابَ يسوع وقال لها: “أيّتها المرأة، عظيمٌ إيمانُكِ! فليكُنْ لكِ كما تريدين”. ومن تلك السّاعة شُفيتْ ابنتُها
***************
يحدّثنا إنجيل هذا الأحد عن إيمان المرأة الكنعانيّة بيسوع، وعن أهميّة الإيمان والصلاة في حياتنا في مواجهة كل المصاعب. عندما طلبت تلك المرأة من يسوع أعجوبة رفض الاستجابة لها في بادئ الأمر ثم عاد فقبل. فما الذي قصده يسوع من هذا التصرّف وما هي الرسالة التي يوجّهها إلينا اليوم؟
أتت المرأة الوثنيّة إلى يسوع مؤمنة أنّه سوف يشفي ابنتها. رفض يسوع أن يساعدها في بادئ الأمر ولم يُلبِّ طلبها سريعًا كما جرت العادة، فقد قام بذلك عمدًا لا بغية الإساءة إلى المرأة بل امتحانًا لإيمانها. هذه اللوحة الإنجيليّة تكشف لنا طريقة الله التربويّة التي تٌثَبِّتُنا على الإيمان. فالإيمان له مقتضياته المتسامية، ولا يعيشه وفق مقتضياته سوى الأبطال، فلا إيمان من دون صبر وثبات. كلّ إنسان مؤمنٍ معرّض أن يمرّ في محنة الإيمان، فيحسّ أن الله أصمّ، لا يستجيب لمطالبه. ثقة المرأة الكنعانيّة، وثباتها على الإيمان بيسوع، كانا الطريق الوحيد الّذي حنّن قلب يسوع، فأجابها: “عظيمٌ إيمانك! فليكن لكِ كما تريدين!” إيمان المرأة الكنعانيّة هو مثال لنا كي نُصلّي من دون ملل، فعندما نطلب من الله علينا أن نثق أنّه قادر أن يعطينا، وهو الذي يعلم الوقت المناسب كي يعطينا، فيسوع كان يعني كلامه حين قال : إسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم