كانَ رجلٌ غنيٌّ يَلبَسُ الأُرجوانَ والكتّان النّاعم، ويتنعَّم كلّ يومٍ بأفخرِ الولائم
وكانَ رجلٌ مسكينٌ اسمه لعازَر مطروحًا عند بابه، تكسوه القروح
وكان يشتهي أن يشبَعَ من الفُتات المُتساقط من مائدة الغنيّ، غيرَ أنَّ الكِلاب كانت تأتي فتلحَسُ قروحَهُ
وماتَ المسكينُ فحمَلتهُ الملائكة إلى حضن إبراهيم. ثمَّ ماتَ الغنيُّ ودُفِن
ورَفَعَ الغنيُّ عينيه، وهوَ في الجحيم يُقاسي العذاب، فرأى إبراهيم من بعيد، ولعازَر في حضنهِ
فنادى وقال: يا أبتِ إبراهيم، إرحَمني وأرسِل لعازَر ليَبُلَّ طرَفَ إصبعهِ بماءٍ ويُبرِّدَ لساني، لأنّي متوجِّعٌ في هذا اللّهيب
فقال إبراهيم: يا ابني، تذكَّر أنَّكَ نِلتَ خيراتِكَ في حياتِكَ، ولعازَر نالَ البَلايا. والآن هو يتعزَّى هُنا، وأنتَ تتوجَّع
ومع هذا كلِّه، فإنَّ بيننا وبينكم هوّةً عظيمةً ثابتة، حتّى إنَّ الذّين يريدون أن يجتازوا من هنا إليكم لا يستطيعون، ولا من هناك أن يعبُروا إلينا
فقال الغنيّ: أسألُكَ إذًا، يا أبتِ، أن تُرسِلَ لعازَر إلى بيت أبي
فإنَّ لي خمسةَ إخوة، ليشهَدَ لهم، كي لا يأتوا هو أيضًا إلى مكان العذاب هذا
فقال إبراهيم: عندهم موسى والأنبياء، فليسمعوا لَهم
فقال: لا، يا أبتِ، ولكن إذا مضى إليهم واحدٌ من الأموات يتوبون
فقال لهُ إبراهيم: إن كانوا لا يسمعون لموسى والأنبياء فإنّهم، ولو قامَ واحدٌ من الأموات، لن يقتنعوا
************
تذكر الكنيسة في هذا الأحد المبارك جميع أبنائها الموتى المؤمنين، الذين رقدوا على رجاء القيامة وتناولوا جسد المسيح الحيّ ودمه عربونًا للقيامة والحياة الأبديّة
أمّا مثل الغنيّ ولعازر فيُحذِّرنا من الغنى والتنعّم بملذّات هذا العالم الزائل وخيراته الماديّة من دون الاهتمام بما حولنا من محتاجين وفقراء. الغنيّ في هذا الإنجيل يُمثِّل الإنسان الأناني، المحبّ للذّة. أمّا لعازر فيُمثِّل الإنسان الفقير، المعوز والشريد الذي لا يهتمّ به أحد. لكنّ عينَي الله تنظران إلى المسكين، لذلك أخذه إلى حضن إبراهيم حيث السعادة الحقيقيّة. أمّا الغنيّ اللامبالي فيذهب إلى النار الأبديّة. ولا يمكن لأحد أن ينتقل من الجحيم إلى حضن إبراهيم وبالعكس لأنّ بينهما “هوّة عظيمة ثابتة”؛ “فالأوّلون آخرون، والآخرون أوّلون”. يُشدّد يسوع على العيش بحسب تعاليم الكتاب المقدّس “إن كانوا لا يسمعون لموسى والأنبياء فإنّهم، ولو قام واحدٌ من الأموات، لن يقتنعوا
يقول القدّيس اغناطيوس الإنطاكي: “ماذا تفيدني ملذّات العالم؟ ما لي وفتنة ممالك هذا العالم، إنّي أفضّل أن أموت مع المسيح، من أن أملك أطراف المسكونة، إنّي أطلب المسيح الذي مات من أجلنا وقام من أجلنا