وفي تلكَ السّاعة ابتهجَ يسوع بالرّوح القدس، فقال: أعترفُ لكَ، يا أبتِ، ربَّ السّماء والأرض، لأنَّكَ أخفَيتَ هذه الأمور عن الحُكماء والفُهماء، وأظهَرْتَها للأطفال. نعم، أيّها الآب، لأنَّكَ هكذا ارتضَيْت
لقد سلَّمَني أبي كلَّ شيء، فما من أحدٍ يعرفُ مَن هو الابنُ إلاّ الآب، ولا مَن هوَ الآب إلاّ الابن، ومَن يُريد الابنُ، أن يُظهرَهُ له. ثم التفتَ إلى تلاميذه، وقال لهم على انفراد: طُوبَى لِلعُيُونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
فإنّي أقول لكم: إنّ أنبياءَ وملوكًا كثيرين أرادوا أن يرَوا ما أنتم تنظرون، فلم يرَوا، وأن يسمعوا ما تسمعون، فلم يسمعوا
********************
يُخبرُنا إنجيل الأحد الرابع من زمن العنصرة عن ابتهاج يسوع بالروح القدس. هذا الروح الّذي رافقه طوال حياته على الأرض من التجسّد إلى المعموديّة والصليب فالقيامة. عاش يسوع في اتحادٍ دائمٍ مع الروح القدس. تهلّل يسوع بالروح القدس وراح يحمد ربّ السماء والأرض على كلّ ما صنع، ويُنشد نشيد غبطةٍ وشكران للآب لأنّه كشف بالروح الحقيقة للأطفال وحجبها عن حكماء هذا العالم. هذا الروح الذي يزرع فينا الطوبى والقوّة والشجاعة والاندهاش ويُثبِّتنا في طريق البرّ والعدل والصدق. أمّا الحقيقة فهي معرفة الآب والابن، وأنّ الابن قد تسلّم من الآب كلّ شيء. يُظهر هذا الإنجيل العلاقة الفريدة والمميّزة والمتبادلة بين الآب والابن، إنّها علاقة أبوّة وبنوّة، علاقة شراكة ومحبّة، علاقة معرفة واتحاد. يسوع هو طريقنا إلى الآب، مَنْ رآه رأى الآب، فهو الطريق والحقّ والحياة، ولا أحد يأتي إلى الآب إلاّ به. طوبى للتلاميذ والرسل الّذين رأوا مجد يسوع وآمنوا به فنالوا الخلاص. أنبياء وملوك تمنّوا أن يروا ملكوت الله واشتاقوا إلى لقائه، لكنّهم لم يروا ما أنتم تنظرون ولم يسمعوا ما أنتم تسمعون. كان التلاميذ شهود عيان للمسيح ابن الله الحيّ. الطوبى والسعادة والفرح والابتهاج لكلّ إنسان يرى مجد الله ويؤمن به ويعيش بمخافته، ويصغي إلى كلمته بروح الأطفال، روح البراءة والبساطة والحكمة