ودنا منه يعقوب ويوحنا، ابنا زبدى، وقالا له: “يا معلّم، نريد أن تصنع لنا كلَّ ما نسألك
فقال لهما: ماذا تريدان أن أصنع لكما؟
قالا له: أعطنا أن نجلس في مجدِك، واحدٌ عن يمينك، وواحدٌ عن يساركَ
فقال لهما يسوع: إنّكما لا تعلمان ما تطلبان: هل تستطيعانِ أن تشربا الكأسَ التي أشربها أنا؟ أو أن تتعمّدا بالمعموديةِ التي أتعمّدُ بها أنا؟
قالا له: “نستطيع”. فقال لهما يسوع: الكأسُ التي أنا أشربها ستشربانها، والمعموديةُ التي أنا أتعمّدُ بها ستتعمّدان بها
أمّا الجلوسُ عن يميني أو عن يساري، فليسَ لي أن امنحَهُ إلاّ للّذين أُعِدَّ لهم
ولمّا سمع العشرة الآخرون، بدأوا يغتاظون من يعقوب ويوحنا
فدعاهم يسوع إليه وقال لهم: تعلمون أنّ الذين يُعتَبرون رؤساء الأُممِ يسودونَهم، وعظماءهم يتسلّطون عليهم
أمّا أنتم فليس الأمر بينكم هكذا، بل من أراد أن يكون فيكم عظيماً، فليكن لكم خادماً
ومن أراد أن يكون الأول بينكم، فليكن عبداً للجميع
لأنّ ابن الإنسانِ أيضاً لم يأتِ ليُخدَم، بل ليَخدُم، ويبذلَ نفسَه فداءً عن كثيرين
***************
يتّضح لنا جليًّا من خلال بشارة هذا الأحد الأوّل من زمن الصليب أنّ الطريق إلى المجد يجب أن تمرّ بالصليب. فثمن المجد هو كأس العذاب والألم. فقد ربط المسيح دومًا قيامته ومجده عن يمين الآب بآلامه وصلبه وموته. أمّا يعقوب ويوحنّا تلميذي يسوع المسيح فيطلبان منه الجلوس عن يمينه ويساره في ملكوته المنتظر. فكان جواب يسوع واضحًا أنّ من يتألّم ويموت معه، يتمجّد أيضًا معه. ولكن الجلوس عن يمينه ويساره فهو محفوظ لإرادة أبيه ومشيئته. وليست مهمّة يسوع على الأرض مكافأة البشر، بل اعدادهم بموته وقيامته لينالوا المكافأة في مجد الملكوت. لابن الإنسان ملء السلطان على كلّ الشعوب وهو إلى ذلك خادم الله المتألم، خادم جميع الناس، فهو الآتي “لا لِيُخدَم، بل ليَخدُم، ويبذل نفسه فداءً عن كثيرين”. من هنا دعوة يسوع لنا في هذا الإنجيل إلى التواضع والخدمة وطلب الأدنى لأنّ “من يُحبّ نفسه يَفقدها، ومن يُبغضها في هذا العالم، يحفظها لحياةٍ أبدية” يو 12/25
إنجيل هذا الأحد الأوّل من زمن الصليب دعوة لنا أيضًا إلى الجهاد والتبشير والتعليم وإعلان رسالة المسيح، رسالة الإيمان والرجاء والمحبّة، رسالة الغفران والسلام والحقّ والعدالة، مهما كلّف ذلك من جهد وألم، على مثال الرسل القديسين والشهداء والأبرار