حينئذٍ قدّموا إلى يسوعَ ممسوسًا أعمى وأخرس، فشفاه، حتى تكلّمَ وأبصر
فدهشَ الجموعُ كلّهم وقالو: لعلّ هذا هو ابنُ داود؟
وسمعَ الفرّيسيّونَ فقالوا: إنّ هذا الرّجلَ لا يخرجُ الشّياطينَ إلاّ ببعلَ زبول، رئيسِ الشّياطين
وعَلِمَ يسوعُ أفكارهم فقالَ لَهم: كلُّ مملكةٍ تَنقسم على نَفْسِهِا تَخْرَب، وكلُّ مدينةٍ أو بيتٍ يَنقسم على نفسِهِ لا يَثْبُت
فإن كان الشَّيْطان يُخرِجُ الشَّيْطان، يكون قد انقسمَ على نفسِهِ، فكيف تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟
وإنْ كنتُ أنا بِبَعْلَ زبول أُخْرِجُ الشَّياطين، فأبناؤكُم بِمَنْ يُخْرِجُونَهُم؟ لذلك فَهُمْ أَنْفُسُهُم سَيَحْكُمُونَ عَلَيْكُم
أمّا إنْ كنتُ أنا بِِرُوحِ الله أُخْرِجُ الشَّياطين، فََقَدْ وافاكُم مَلَكُوُت الله
أم كيفَ يقدرُ أحدٌ أن يدخلَ بيتَ القويِّ وينهبَ أمتعتهُ، إنْ لمْ يربطِ القويّ أوّلاً، وحينئذٍ ينهبُ بيتهُ؟
من ليسَ معي فهو عليَّ، ومن لا يجمعُ معي فهو يُبدِّد
لذلك أقولُ لكم: كلّ خطيئةٍ ستُغفرُ للنّاس، وكلّ تجديف، أمّا التّجديفُ على الرُوحِ فلنْ يُغفر
مَنْ قالَ كلمةً على ابنِ الإنسانِ سيُغفرُ لهُ. أمّا من قالَ على الرّوحِ القدسِ فلن يُغفرَ له، لا في هذا الدّهر، ولا في الآتي
************
يُحدِّثنا إنجيل هذا الأحد عن شفاء يسوع لممسوس أعمى أخرس، وعن اندهاش الجموع أمام هذا الحدث “لعلَّ هذا هو ابن داود”، وعن رفض الفريسيين ليسوع، ونَسْبِهِم كلّ ما كان يعمله بروح الله القدّوس إلى روح الشرّ، بعل زبول. نقض الفريسيون ملكوت الله الذي بدأ يسوع بتحقيقه، وجدّفوا على الروح القدس بإصرارهم على الكذب ورفض الحقيقة وتزويرها. فضّل الفريسيون حُبّ المال والسلطة ومجد الأرض على مجد السماء، ولم يعرفوا حقيقة المسيح يسوع ابن داود المخلّص، الذي يحنو على الإنسانيّة ويشفيها من أمراضها الروحيّة والجسديّة، ويُضمِّد جراحاتها، ويزرع فيها من جديد ملكوت الله. أراد يسوع، بطرده الشياطين، أن ينبّه الفريسيّين أنّ ملكوت الله قد أقبل، وأنّ انتصاره على المرض والشرّ، يُنبئ بانتصاره التام على الموت والظلمة بموته و قيامته
يعلّمنا يسوع أن نقول الحقيقة دومًا، ونلتزم بها مهما كان الثمن، حتّى ولو كان الصليب ثمنًا، وأن نقبل الروح القدس، روح الحق والحرّية، فهو الذي يُحرّرنا من روح هذا العالم، الذي مصيره الى زوال