ارتبك الشاب جون جدًا واضطرب، فقد هبت عاصفة شديدة في مياه البحر، وعلت الأمواج جدًا. كان جون واقفًا عند الشاطئ تحت منزله يتطلع نحو المياه في مرارة، فقد أخذ والده قارب صيد ومعه ابنته جانيت.
تسللت الدموع من عينيّ جون، فالظلام صار دامسًا، وصوت الأمواج امتزج مع صوت الرياح العاصفة، وصار والده وأخته في خطر.
أشعلت زوجة الصياد مصباحًا، وصعدت به إلى الغرفة العليا ووضعته في النافذة التي تطل على البحر. ناداها جون من الشاطئ.
– ماذا تفعلين يا أُمّاه؟
– أضع مصباحًا حتى يستطيع والدك أن يراه، فيوجه القارب نحو الشاطئ.
– النور ضعيف جدُا يا أُمّاه؛ إنه لا ينفع شيئًا، فأريحي نفسك من التعب. إن لم يتحسن الطقس فهناك خطر على والدي وأختي دون شك.
– إنني لن أستريح حتى يرجعا بسلامة اللَّه.
ثبّتت الأم المصباح وركعت بجانبه تصلي إلى اللَّه كي يحفظهما ويحفظ كل من في البحر.
في وسط العاصف الشديد إذ فقد الصياد قدرته على معرفة اتجاه القارب تطلعت جانيت من كل جانبً وهي تصرخ إلي اللَّه كي ينقذها. رأت نورًا خافتًا، فقالت لأبيها وهي تهتف فرحًا. أدر القارب نحو هذا النور، إنه بلا شك نور أمي… قلبها لن يستريح حتى نصل بنورها إلى الأمان.
وجه الصياد قاربه بكل قوة نحو جهة النور إلى أن وصل به إلى الشاطئ آمنًا.
إذ رأتهما الأم هتفت تشكر اللَّه، قائلة لهما: “أشكر إلهي الذي أنقذكما! كيف نجوتما من العاصفة؟ قالت جانيت: لقد وجهنا القارب نحو نور الأم العزيزة، فقادنا نورك إلى الشاطئ. بدونه لهلكنا!”
تأثر جون جدًا إذ سمع كلمات جانيت. وإذ كان دائم التمرد خاصة على والدته، رجع إلى نفسه وهو يقول: “أين أنا من نور أمي العزيزة؟!”
لم ينم جون طول الليل، بل كان يركع مقدمًا التوبة للَّه مخلصه، مسلمًا حياته في يديّ إلهه المحبوب، طالبًا منه أن يرشده في بحر هذه الحياة، ويجعل أمامه دائمًا نوره السماوي.
أرى في أمي ظل أمومة كنيستك،
التي تشعل نار المعرفة أمامي،
فلا أهلك وسط عواصف هذا العالم وتياراته المهلكة!
هب لي قلب الأم السماوية،
فلا يستريح قلبي حتى يوجه الكل قوارب حياتهم نحوك.
يرونك أيها النور الحقيقي، فتتبدد فيهم كل ظلمة،
ونحيا جميعًا معك في نورٍ أبدي!
سلام المسيح وبركة أمنا العذراء تكون معكم دائماً