العائلة المقدّسة وعائلاتنا
أتوجّه برسالتي الميلاديّة لهذه السنة إلى العائلات. في ختام هذه السنة المكرّسة للعائلات، تتّجه أفكارنا نحو سرّ العائلة المقدّسة… لقد صلّى الربّ يسوع إلى الآب السماوي ليكون الجميع واحدًا: لقد ردّت صلاته هذه عشيّة آلامه؛ غير إنّه كان يحملها في داخله منذ ولادته: “يا أَبَتِ القُدُّوس احفَظْهم بِاسمِكَ الذي وَهَبتَه لي لِيَكونوا واحِدًا كما نَحنُ واحِد” (يو17: 11). أتراه لم يكن في تلك اللحظة يصلّي من أجل وحدة العائلات أيضًا؟
صحيح أنّ الربّ يسوع كان يُصلّي من أجل وحدة الكنيسة أوّلاً؛ لكنّ العائلة أيضًا هي خليّة حيويّة في الكنيسة من خلال سرّ الزواج، وهي أيضًا، بحسب تعليم الآباء، كنيسة منزلية مصغّرة . لقد صلّى الربّ يسوع، منذ وقت مجيئه إلى العالم، من أجل أن يُعَبّر الذين يؤمنون به عن شركتهم، انطلاقًا من الوحدة العميقة لعائلاتهم؛ تلك الوحدة التي شكّلت “منذ البدء” (متى19: 4) جزءًا من مُخطّط الله للحبّ الزوجي الذي منه تنبع العائلة… هو الذي قدّم نفسه بدون مقابل بمجيئه إلى العالم، قد صلّى لكي يقوم البشر، من خلال تكوينهم للعائلات، بتقديم أنفسهم بدون مقابل لبعضهم البعض: الأزواج والزوجات، الأهل والأولاد، وكلّ الأجيال التي تتكوّن منها العائلات، حيث يقدّم كلّ واحد موهبته الخاصّة
يا أيّتها العائلة، يا عائلة الناصرة المقدّسة، أيّتها العائلة المتّحدة بقوّة بالسرّ الذي نتأمّل به يوم ميلاد الربّ، قودي بمثالك جميع عائلات الأرض!… يا ابن الله الذي أتى بيننا من خلال دفء عائلة، أعطِ العائلات أن تكبر في المحبّة وأن تشارك بخير كلّ البشريّة… علّمهم أن يتخلّوا، من أجل ذلك، عن الأنانيّة والكذب وعن سعيهم المُضطرد وراء الكسب الفردي. أعِنْهم في أن ينمّوا مواهب قلوبهم وعقولهم الكثيرة، تلك التي تنمو حين تلهمها أنت
البابا يوحنّا بولس الثاني
رسالة الميلاد، 25 كانون الأوّل 1994