تبدأ هذه الرواية على عكس بشارة زكريا بيوحنا، فهنا طابع التخلّي والتواضع على اكمل وجه : فالبشارة الى عذراء ليس معروفة كالكاهن زكريا، ثانياً البشارة في بيت وليس في الهيكل، ثالثاً البشارة هي لمريم وليس امام الكهنة، فكلّ هذا يدلّ على التواضع وفقر الربّ الغنيّ. اذاً البشارة الى عذراء مخطوبة، وهذا ليُنزع عنها الشكّ عند ظهور علامات الحَبَل. وعلينا معرفة أنّ الخطوبة في حينها كانت تعادل الزواج وما ينقص هو إنتقال الفتاة مِن بيت ابيها الى بيت زوجها. وهذه البشارة تقع في “الناصرة” حيث عاش المسيح قسماً كبيراً مِن حياته حيث دعي “الناصري”.
إن العذراء هي ” مَمْلُوءَةً نِعْمَة” فالعذراء قد أمتلأت نِعماً من عند الله، وأعطتنا ما كان ينتظره الشعب مِن نِعم. وهوذا فرح وانتظار الخليقة يبدأ مع هذا الحبل الإلهيّ. وارتباك مريم يؤكّد لنا انّها عذراء وأنها طاهرة إذ قالت : “كَيْفَ يَكُونُ هـذَا، وأَنَا لا أَعْرِفُ رَجُلاً؟”. والعذراء ستحبل “بإبن العليّ” ذلك الذي انتظره الاباء كي يخلّص العالم، فهو لا يكون لملكه انتهاء. واسمه “يسوع” اي “الله خلاصي او يخلصنا”. فلنتأمّل بهذا التجسّد العجيب والمواضع، ولا نشكّ أننا سنولد من جديد بالروح القدس، فالله ولد من العذراء بحسب الجسد. وإن عبارة “كيف يكون هذا” لا يعبّر عن شكّ كما حصل مع زكريا، إنّما هو طلب لمعرفة كيفيّة الحصول، أي كيف سيتمّ ذلك”. وتعلن ايمانها وطاعتها بقولها “هَا أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَوْلِكَ!”. إذاً فلنردد ذلك على مثال مريم عند سماعنا كلمة الله