ولمّا عاد يسوع، استقبلهُ الجمع، لأنّهم جميعهم كانوا ينتظرونَهُ
وإذا برجُلٍ اسمهُ يائيرُس، وكان رئيس المجمع، جاء فارتمى على قدَمَي يسوع، وأخذَ يتوسَّل إليه أن يدخُلَ بيتهُ
لأنّ له ابنة وحيدة، عُمرها نحو اثنتَي عشرة سنة، قد أشرفَتْ على الموت. وفيما هو ذاهب، كان الجموع يزحمونه
وكانت امرأةٌ مُصابةٌ بنزفِ دمٍ منذ اثنتَي عشرة سنة، ولم يقدر أحدٌ أن يشفيها
دَنَتْ مِنْ وَرَاءِ يَسُوعَ، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَفَجأَةً وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا
فقال يسوع: “مَن لَمَسَني؟”. وأنكرَ الجميع. فقال بطرس ومَن معهُ: يا معلِّم، إنَّ الجموع يزحمونكَ ويُضايقونَكَ
فقال يسوع: إنَّ واحدًا قد لَمسَني! فإنّي عرفتُ أنّ قوّةَ قد خرجت منّي
ورأتِ المرأة أنّ أمرها لم يَخْفَ عليه، فدَنَتْ مُرتعدةً وارتمتْ على قدميه، وأعلَنَت أمام الشّعب كلّهُ لماذا لمسَتهُ، وكيفَ شُفيتْ للحال
فقال لها يسوع: يا ابنتي، إيمانُكِ خلَّصَكِ! إذهبي بسلام
وفيما هو يتكلَّم، وصلَ واحدٌ من دار رئيس المجمع يقول: ماتت ابنتُكَ! فلا تُزعِج المعلِّم
وسمعَ يسوع فأجابهُ: لا تخَفْ! يكفي أن تؤمِنَ فتحيَا ابنتُكَ
ولمّا وصلَ إلى البيت، لم يدعُ أحدًا يدخُل معهُ سِوى بطرس ويوحنّا ويعقوب وأبي الصّبيّة وأمِّها
وكان الجميعُ يبكونَ عليها ويقرعونَ صدورهم. فقال: لا تبكوا! إنّها لم تمُتْ. لكنّها نائمة
فأخذوا يضحكون منهُ لِعلمِهم بأنّها ماتتْ
أمّا هو فأمسَكَ بيدها ونادى قائلاً: أيّتها الصبيّة، قومي
فعادَتْ روحُها إليها، وفجأةً نهضَتْ. ثمَّ أمرَ بأن يُطعموها
فدَهِشَ أبواها، وأوصاهما يسوع ألاّ يُخبرا أحدُا بما حدث
***********************
يُحدِّثنا إنجيل هذا الأحد، عن لوحة شفاء ولوحة إحياء. وفي كلتيهما، نجد يسوع المخلّص
إيمانكِ خلّصك! إذهبي بسلام! ما من قوّة بشريّة قادرة أن تشفي المنزوفة. إنّه العجز البشريّ الكامل تجاه مرضها. وفضلاً عن شقائها البشريّ، كانت تشعر بعزلة وبعقدة ذنب، إذ كانت تعتقد، كما تعلّمها شريعتها، أنّها نجسة وأنّه يجب ألاّ تمسّ أحداً. علمت أنّ في الإيمان بيسوع خلاصَها. دنت من ورائه ولمست طرف ردائه، فزال عنها الشقاء وتمّ انتشالها من عزلتها. صارت قويّة متسلّحة بإيمانها وبعمل الربّ في حياتها، فوقفت أمام الشعب كلّه وأبانت نعمة الربّ
لا تخف! يكفي أن تؤمن فتحيا ابنتك! في قصّة يائيرس وابنته، عظمة حبّ أب لابنته وتضرّع من أجلها. في ذلك بالطبع أُمثولة عن الربّ الأقوى من الموت، الذي ينتصر عليه بقوّته وبحكمته. يلفت انتباهنا في هذا النص، التضرّع من أجل الآخرين. طلب منه أن يثبت في الإيمان، فبيّن الربّ أهميّة الصلاة من أجل الآخرين، لأنّها تحمل الخير. الإيمان الحقيقي يقاوم حتى تجربة الموت. إنّه ثقة تتخطّى الموت إلى الحياة والقيامة. كم مرّة نختبر هذا الأمر في حياتنا على الأرض. نعتقد أنّ لا رجاء بعدُ، ونتعرّض لتجربة الإحباط، أو التخلّي عن الإيمان. فلنُبقِ صوت يسوع في آذاننا، إذ قال:ثقوا لا تخافوا ! أنا غلبت العالم
قبل الخيبة الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح. تواضع الروح مع المساكين ولا اقتسام الغنيمة مع المتكبّرين. سفر الأمثال 16/ 18-19