عندما كنت صغيرًا فكّرت كيف أصل الى السماء
لكي ارى الله السّاكن فى السّماوات
فَكُنّا دائمًا نُصلّي: أبانا الذي في السّماوات.
فبدأت أجمع الكراسي وأضعها فوق بعضها، على سطح أعلى عمارة وألمس السّماء بيدي
وحاولت الوصول الى السّماء
ولكن كانت الصّدمة حينما قالوا لي أنني لن أصل الى السّماء حتى ولو فعلت ذلك
وعندما كبرت سمعت عن مركبات الفضاء التى تخرج خارج نطاق الكرة الارضية وتتعدّى حدود السّماء الارضية
ولكنّهم ايضًا لا يصلون الى الاب السّاكن في السّموات
وعندما سألت قالوا: الله يتكلّم من خلال كتاب يُدعى بالكتاب المقدّس
وأنا اصل اليه بالصّلوات عن طريق المزامير وحضور الكنيسة والإجتمعات
فظللت أفعل ذلك بكلّ جدية، ولكن ظلّت الدنيا تضيّق عليَّ
وأصبحت لا ارى النّاس و لا ارى الله، البعيد السّاكن فى السموات
ولم أرَ شيءً سوى سقف غرفة محدود وسماء مُغلقة بقيود
أين انت يا لله ؟
قد فعلت كلّ شيء لكي أصل اليك، ولكنّك أسطورة كبيرة يُخيفون بها الأطفال
ويوهِمون بها الكبار، الجميع يتحدثون عنك
ولكن لا أحد يراك
أنت تتركني معذّبًا وحدي
فقرّرت أن أخرج فوق أعلى عمارة بقرب السماء والتّي تُسمّى بناطحات السّحاب
وكدت ألمُس السّحاب وأنا رافعٌ يدى مشاورًا بمنديلٍ بقرب السّماء
يا الله، يا أبانا ساكن السّموات
هل تراني؟ أنا هنا
هل تعرفني؟ أنا هنا
أنا اسمي … وحكايتي كذا وكذا مع الزمان
وهذه حالي، أنا أحاول الوصول اليك منذ زمن
أنا متأكّد أنّك موجودٌ، ولكنّي مُحتار
إعمَل شيئًا يُشعرني بوجودك
أنت الله، الذي خلقني، اذًا أنت عَرَفتَنِي
يعني أنك تستطيع الوصول اليّ، تعال يا رب كلّمني…
وَوَضعت رأسي بين ركبتيَّ باكيًا:
كل الأيام يومٌ واحد، أرى حركة الجميع ولكنّي ثابت فى مكاني دون سَنَد
يا ربّ أنظر اليّ
وفجأة دون مقدّمات، بعد دموع كثيرة أذابت عينيّ من البكاء
رأيت شيئًا فوق الخيال
أحسَسْتُ بشيءٍ داخلي يتحرّك
شعرت بِحُضْنٍ يُطبق على عظامي يحضِنُنِي
سمعت صوتًا دافئًا يُكلمني
فكانت كلمة الرّب إليّ قائلاً
قبل ولادتك عرفتُكَ و قبلما خَرَجْتَ من الرّحم قدّسْتُكَ
فقلت: آه، يا سيّدي، إنّي لا أعرف ماذا أقول
فقال الرب لي: لا تقل إنك لا تعرف ماذا تقول، لأنك إلى كل من أُرسِلُكَ إليه
تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به
لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لأنقذك، يقول الرب
ومَدَّ الرب يده ولمس فمي، وقال الرب لي: ها قد جعلتُ كلامي في فمك
سفر إرميا الإصحاح الأوّل
الله ليس بعيدًا فى السماء
إنه يراقبك على الدّوام
لكنه لا يريد العبادة الشّكلية
لا يريد محاولاتٍ أرضية
لكنّه يريد حديثًا صادقًا من قلبٍ يشتاق لرؤيا الله
قلبٌ يحتاج الله و لا يحتاج عطاياه
قلبٌ يحتاج الله ولا يهمّه كيف يكون مظهره أمام الناس
يقولون في الأمثال الشّعبية
من طلب العُلَى سَهِرَ اللّيالي
والله أسمى وأعظم وأعلى شيءٍ ذو قيمة في حياتنا
ولكن كم بالمئة أنت تبحث عن نفسك
كم بالمئة تبحث عن غيرك
كم بالمئة تبحث عن الله
فهو بجانبك قريب
حقًا هو حيّ وليس ببعيد
ولكن بينك وبينه ساترٌ كبير
ولكن هذا السّاتر من رمال، ليس من حجارة ولا رخام
اسكب ماءً على الرمال لكي ترى الله
إنفتح على الله كما انت، عاتِبْهُ واظهر ضعفك أمامه لتستمتع برؤيته
فمن يختار المسيح يختار الطّريق الضّيّق، طريق الشّدة، ولكن الله ينصره ويستجيب له