مدى عظمة مريم العذراء
عظمة العذراء قرّرها مجمع أفسس المسكوني المقدس الذي إنعقد سنة 431 م بحضور 200 من أساقفة العالم ووضع مقدمة قانون الإيمان التي ورد فيها : نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مخلص العالم، أتى وخلّص نفوسنا. فعلى أيّة أسس وضع المجمع المسكوني هذه المقدمة ؟ هذا ما سنشرحه الأن : العذراء: هي القديسة المطوّبة التي يستمر تطويبها مدى الأجيال كما ورد في تسبحتها : هوذا منذ الٱن جميع الأجيال تطوّبني ( لو 1 : 46) والعذراء تلقّبها الكنيسة بالملكة وفي ذلك أشار عنها المزمور 45 : قامت الملكة عن يمين الملك. ولذلك فالكثير من الفنّانين، حينما يرسمون صورة العذراء يضعون تاجًا على رأسها وتبدو في الصورة عن يمين السيد المسيح. ويبدو تبجيل العذراء في تحية الملاك جبرائيل لها: السّلام لك أيتها الممتلئة نعمة. الرّب معك. مباركة أنت في النّساء ( لو 1 : 28) وأيضًا ببركة خاصة شهدت بها أيضا القديسة أليصابات التي صرخت بصوت عظيم وقالت لها: مباركة أنت في النّساء ومباركة هي ثمرة بطنك ( لو 1 : 42). أمام عظمة العذراء تصاغرت القديسة أليصابات في عينيّ نفسها وقالت في شعور بعدم الإستحقاق، مع أن أليصابات كانت تعرف أن إبنها سيكون عظيمًا أمام الرب وأنه يأتي بروح إيليّا وقوّته ( لو 1 : 15 ، 17) ” من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي” ( لو 1 : 43)، ولعلّ من أوضح الأدلة على عظمة العذراء ومكانتها لدى الرب أنّه بمجرد وصول سلامها إلى أليصابات إمتلأت أليصابات من الروح القدس وأحسّ جنينها فارتكض بابتهاج في بطنها وفي ذلك يقول الوحي الإلهي: فلمّا سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وإمتلأت أليصابات من الروح القدس ( لو 1 : 41) إنها حقًّا عظمة مذهلة أنّ مجرد سلامها يجعل أليصابات تمتلئ من الروح القدس! مَن مِنَ القدّيسين تَسَبَّبَ سلامه في أن يمتلئ غيره من الروح القدس؟ ولكن هوذا أليصابات تشهد وتقول: هوذا حين صار سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. امتلأت أليصابات من الروح القدس بسلام مريم وأيضًا نالت موهبة النبوّة والكشف، فعرفت أن هذه هي أمّ ربّها وأنّها: ٱمنت بما قيل لها من قبل الرب، كما عرفت أن ارتكاض الجنين كان عن إبتهاج وهذا الابتهاج طبعًا بسب المُبارك الذي في بطن العذراء: مباركة هي ثمرة بطنك ( لو 1 : 41 – 45) عظمة العذراء تتجلى في اختيار الرب لها من بين كل نساء العالم، الإنسانة الوحيدة التي انتظر التدبير الإلهي ٱلاف السنين حتى وجدها، وكانت مستحقة لهذا الشرف العظيم الذي شرحه الملاك جبرائيل بقوله: الروح القدس يحلّ عليك وقوّة العليّ تظللك، فلذلك أيضًا القدّوس المولود منك يُدعى إبن الله ( لو 1 : 35). العذراء في عظمتها تفوق جميع النساء: لهذا قال عنها الوَحي الإلهي: بنات كثيرات عملن فضلًا أم أنت ففقت عليهن جميعًا ( أم 31 : 39) ولعله من هذا النّصّ الإلهي أُخِذَت مديحة الكنيسة: نساء كثيرات نِلْنَ كرامات ولم تنل مثلك واحدة منهنّ، هذه العذراء القديسة كانت في فكر الله وفي تدبيره منذ البدء، ففي الخلاص الذي وُعِدَ به أبوينا الأولين قال لهما إنّ: نسل المرأة يسحق رأس الحيّة ( تك 3 : 15) هذه المرأة هي العذراء ونسلُها هو المسيح الذي سحق رأس الحيّة علي الصّليب