– إنجيل اليوم: إنجيل اليوم، يطرح علينا أسئلة مصيريّة. فمن خلال سلوكي الحاضر أنا أقرّر مصيري بعد الموت. إنّه دعوة لليقظة والسهر، هو نداء لممارسة الرحمة والمحبّة إن كنّا أغنياء، أم فقراء. ألمهم أن تكون الرحمة في قلبي ومتجسّدة في حياتي وبأعمالي تجاه كلّ إنسان ألتقيه. في هذا المثل يؤكد الرب يسوع أنّ الثروة التي يملكها الإنسان مهما كانت ماديّة، روحيّة… هي ليست ملكه فقط بل معدّة أيضًا لجميع الناس وبالأخص للمحتاجين. فيأتي إنجيل اليوم ليقول لنا بأنّ الموت هو ساعة الحساب. فالكتاب المقدّس يقول: “الله يجازي الإنسان بحسب أعماله يوم الموت” وإنّ حقيقة الإنسان وأعماله تنكشف بعد الموت. “فماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فدى نفسه؟”. هذا الواقع صوّره الرب يسوع في مثل الغني ولعازر. فعلينا أن نتذكّر أنّ الأبدية هي وحدها تدوم. فإذا أردنا أن ندخل الحياة علينا أن نكون صالحين ورحماء. يقول البابا بندكتوس السادس عشر حول هذا الإنجيل: الغني الذي لم يدخل في شركة المحبّة مع لعازر، وُجد بعيداً عن الله، فنال الهلاك. المسافة التي أبعدته عن لعازر وهو أمام باب بيته، ظهرت شاسعة بعد موته، إبتعاد الجحيم عن السماء
لذلك تصلي الكنسية اليوم لراحة أنفس الموتى المؤمنين لكي يرحمهم الله باستحقاقات يسوع المسيح الفادي، فتقدّم الصلوات والقداديس والأصوام من أجلهم. أرحهم يا ربّ ونقِّهم من آثار خطاياهم وأهِّلهم أن يشاهدوا وجهك الأبوي في سعادة السماء. لك المجد إلى الأبد
المفهوم المسيحي للموت: الصلوات التي نصليها لموتانا في هذا الأحد، هي صلاة رجائيّة تتمحور حول سر المعموديّة، والقربان، والصليب، فهم الطريق وجسر العبور إلى الحياة الأبدية. فلا سلطان للموت على الإنسان المسيحي الحقيقي، لأنه يحمل الروح القدس أي القيامة، أي عندما نأكل جسد المسيح، نأكل اللامائت، لأنّ الحياة الأبدية التي فينا تفني بديمومتها سلطان الموت. لذلك المسيح هو رجاؤنا بعد الموت، لأنّ الموت أصبح معه نعمة، وفرحًا، وموعد اللّقاء، لأنه أعطانا، على الصليب، ذاته حتى نقدمها إلى الآب. بمعنى ألوهيّته لمست أجسادنا المائتة ونفحت فيها الحياة. لا بل حمل عنّا وحشة الموت عندما صرخ على الصليب “إلهي ، إلهي، لماذا تركتني؟” يعني صرخة نزاع صاعدة من أعماق الخطيئة المظلمة أي من أعماق خطيئتنا. صلاة صادرة من أعماق الجحيم. هذا هو الحب الذي حمل إلى النهاية تمزّق الخاطىء، فشعر به يسوع على الصليب وهو ينازع، شعر بالمسافة المخيفة التي حفرتها الخطيئة فينا أي بين الله والإنسان. عاش هذا التمزّق ومات ميتتنا الموحشة والمخيفة وهكذا قتل الموت بجوهره، وأصبح الموت حياة وفرحًا لكلّ واحد منّا. إذاً الموت لم يعد خوفًا ورهبة بل هو الباب الضيّق، ينتظرنا المسيح وراءه وقد فتح ذراعيه وقلبه، أي فتح لنا الطريق. فلقد خرقت الحربة جسد المصلوب، عندها ولدت الكنيسة في قلب الله من الموت إلى الحياة. إنها شريعة القلب المفتوح بالحب
عبرة: لاحظت إحدى الأمهات خوف ولدها أثناء غارة. فقالت له. “يا ابني لمّا كنتُ أحملك قرب قلبي (أي بأحشائي) كنت أتساءل كيف سيكون وجهك؟ فرح ولادتك كان في أن أكتشف وجهك”. هذه هي حالتنا مع الله الساكن في نفوسنا، وقلوبنا، ونحيا بقربه، نحمله في أرواحنا، لكننا لا نعرف وجهه. ألموت يبيّنه لنا في فرح ولادة أبديّة